الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

الصرخة ، قصة قصيرة



الصرخة.

...........بخطى متثاقلة ،يجر معها أنفاس الذكرى وحشرجة حزينة ،تغتال صوته المختنق بعبراته ..ينادي على إبنته التي هي أغلى ما يملك من هذه الدنيا ...إبتسامتها لهي عزائه الوحيد لفقدان شريكة عمره وحبيبته الراحلة إلى عالم اللاعودة.
تمثلت أمام ناظريه طفلته الصغيرة ذات الستة أعوام،،تأملها بنظراته وبكى طويلا ....بكى بصمت مما أفزع الطفلة . وشرعت تسأله ببراءة الطفولة عن سبب بكائه ؟....
مرة أخرى نظر إلى تقاطيع وجهها يتأملها، وأسر الألم في نفسه ولم يبده لها .."سبحان الله!صورة منسوخة منها في كل شيء ، ..حتى الحنان واللهفة اللذان يرتسمان على نظراتها له"!!...هكذا تمتم في نفسه).
تأمل صورتها بعمق ....غامت صورتها وراء غلالة من الدموع. وأطرق ..ثم شرد بذهنه ناحية الماضي البعيد...وهو لا يزال أسير الماضي.
ماضي عمره أكثر من ستة أعوام....يغتال حضوره كل ثانية. فلا يستطيع إنتزاع نفسه منه حتى وهو يعيش الحاضر!
جلس وجالت في خلده الذكريات...ولاح طيفها من جديد ، لتؤكد له أنها ستظل بروحها معه حتى آخر عمره! ...ولتذكره دوما بأن السعادة هي القدرة على إصلاح الآخرين وإبتلاع أخطائهم..السعادة في التسامح والحب الفطري.
وأطرق يسرد الاسطورة في مخيلته...متقوقعا داخل أحزانه...يغتاله ألم الفراق ،لأنثى إمتلئ قلبها حبا وحنانا ...لأمرأة عافلة فاضلة...لمن نشأت في بيت كريم الاصل رفيع النسب.
...فالبرغم من شظف العيش الذي عانته وأخواتها إلا انها كانت مثالا رائعا للفتاة الصبورة بكل صورها..وفوق تلك الأخلاق الفاضلة التي إحتوتها.. وتملكت قلبها، منحها الخالق جمالا ربانيا رائعا.
ولأنها كبرى أخواتها أحست بالمسؤولية منذ نعومة أظافرها-فهي ليس لديها اخوة ذكور تشد عضدها بهم.
كبرت ...وأصبحت في سن الزواج. أصبحت محط أنظار الامهات في القرية. كان أفضل الشباب يتمنى الاقتران بها.
إلا أن القدر قد جمعها معه..هو إبن خالتها ...شاب ليس على قدر المسؤولية..عاش عيشة الدلال والرفاهية فهو وحيد والديه،لم يكن يأبه بقيم ولا أخلاق، بل إن أهوائه تحركه او تقيد سكناتهّ!..غارق في ملذاته دون حساب.
كانت(.....) تعلم أنها أمام شخصية عصرتها متع الدنيا. وكان لابد لها من ان تعد نفسها لمواجهة الامور.. ،فقد عرف بأخلاقه غير السوية كما كان معروفا لدى الكثير من فتيات الحي بسلوكيلته المشينة.
كان لقسوة الايام التي عاشتها(.....)دور كبير في إشباع نفسها بالصبر والقدرة على مواجهة مصاعب الدهر. لذلك قبلت التحدي في حياتها معه.
وما ساهم في تصبرها هو انها أحبته..بالرغم من كل عيوبه!!
ولأنها أحبته كانت تخاف عليه من نفسه ومن طيشه وتهوره.
ربما أحست للحظة أن إصلاحه ممكن..أذا ما كانت قريبة منه....لذلك سعت جاهدة لتصلح ما أفسده الدلال في شخصية زوجها وحبيبها.
وحتى تصل إلى ما تطمح إليه..عانت الكثير والكثير من سوء خلقه.فقد كان لا يتوانى عن سبها أو ضربها ..حتى أنه كان يعاقر ما حرم الله من الخمور ويهاتف الفتيات على مسمع ومرئى منها...بل حتى رمضان شهر الصيام والبركة لم يكن ليردعه عما هو غارق فيه من آثام...ولم تلامس جبينه الارض يوما خشوعا للذي خلق كل شيء ثم هدى.
كانت عندما تحاول نصحه وهدايته ،،يسبها ويفاضل بينها وبين أحدى فتياته!!...فتصمت ولا تنبت ببنت شفه قط...ثم تنزوي باكية داعية المولى أن يصلح من شأنه.
وما أن تهدا الأمور بينهما حتى تعاود ملاطفته كطفل صغير!
ومع مرور الأيام بدا قلبه يحن لها ...خصوصا بعد ما انبئته بخبر حملها.
أنتبه إلى أنه لا يجد الحنان والحب إلا منها..فلم يكن أحدا يتحمل حماقاته غيرها،حتى والديه لم يكونا قريبين منه مثلها. كانت هي التي أحبته بصدق فوهبته عمرها.
فقد كانت له الزوجة والأم والحبيبة معا، لم تشتكي يوما لأحد ...كانت على يقين بأن القضية قضيتها ولا أحد يمكنه الترافع فيها افضل منها.
ودارت الأيام.....وتعددت المواقف والمواجع، وكسبت (.....) بالاخير القضية. وإستحقت عن جداره حب زوجها لها وإمتلاك قلبه لأبد..
بدأت الحياة بينهما تسير في منعطف آخر...منعطف الحب والتفاهم.
....أقبل عليها ذات ليلة شديدة البرودة، دامع العين، مخنوق العبارة ، يبكي بين يديها ويوعدها بغد أفضل وبأنه سيعوضها أيام العذاب والحرمان التي عاشتها معه.
إبتسمت له إبتسامة لأزمته حتى بعد رحيلها..وجففت دموعه وهي تؤكد له حبها وأستعدادها لتحمل أي شيء من أجله....وما هي إلا لحظات ،،حتى بدأ الضيف الجديد يقرع الأبواب مستأذنا والديه ليشاركهما حياتهما المقبلة...فأحست(....)بآلام المخاض تعاودها بين الحين والآخر ...كانت تصرخ من شدة الألم، وكان هو يتألم لصراخها.
إنطلق بها إلى أقرب مستشفى ....ومكث ينتظر.
كانت ساعات الانتظار شديدة وقاسية عليه. تمر الساعات تأخذ من عمر الزمن طويلا...
أخيرا خرجت الممرضة..وعلى وجهها ترتسم علامة حزن مشبوهه.
إنفجر فيها صارخا يسألها عن حال زوجته؟؟ فأخبرته بانه رزق بمولودة جميلة كأمها. سألها عن حال زوجته؟ فتمتمت بحزن –وهي تبحث عن عبارة مواسية-:"فليرحمها الله"
دارت الدنيا به ولم يعي ما إلتقطته أذناه من خبر مشئوم..وأسرع ناحية الغرفة. يرجع جدرانها بصرخاته...إنكب عليها مستنجدا بها ان ترد عليه وتكذب الخبر...إلا انها كانت قد غادرت دنياه إلى غير رجعه.
إغتالتها الاقدار من بين صرخات إبنتها الوليدة.
جهش مرة أخرى في البكاء.. وطفلته الصغيرة لم تزل تنظر إليه في دهشة وجزع تتساءل نظراتها الطفولية عن سبب بكائه وعن الحزن الذي تراه في عينيه دوما؟.
ضمها إلى صدره بحنان وتمتم في ألم:"أنت عزائي الوحيد بعد رحيلها....وإلتفت ناحية طيف الحبيبة الراحلة...يودعها








عُلا 2001

السبت، 26 سبتمبر 2009

رائعة نزار قُباني "طوق الياسمين"



شكراً.. لطوقِ الياسَمينْ

وضحكتِ لي.. وظننتُ أنّكِ تعرفينْ

معنى سوارِ الياسمينْ

يأتي بهِ رجلٌ إليكِ..

ظننتُ أنّك تُدركينْ..



وجلستِ في ركنٍ ركينْ

تتسرَّحينْ

وتُنقِّطين العطرَ من قارورةٍ وتدمدمينْ

لحناً فرنسيَّ الرنينْ

لحناً كأيّامي حزينْ

قَدماكِ في الخُفِّ المُقَصَّبِ

جَدولانِ منَ الحنينْ



وقصدتِ دولابَ الملابسِ

تَقلعينَ.. وترتدينْ

وطلبتِ أن أختارَ ماذا تلبسينْ

أَفَلي إذنْ؟

أَفَلي إذنْ تتجمَّلينْ؟

ووقفتُ.. في دوّامةِ الألوانِ ملتهبَ الجبينْ

الأسودُ المكشوفُ من كتفيهِ..

هل تتردّدينْ؟

لكنّهُ لونٌ حزينْ

لونٌ كأيّامي حزينْ

ولبستِهِ

وربطتِ طوقَ الياسمينْ

وظننتُ أنّكِ تَعرفينْ

معنى سوارَ الياسمينْ

يأتي بهِ رجلٌ إليكِ..

ظننتُ أنّكِ تُدركينْ..



هذا المساءْ..

بحانةٍ صُغرى رأيتُكِ ترقصينْ

تتكسَّرينَ على زنودِ المُعجَبينْ

تتكسَّرينْ..

وتُدَمدمينْ..

في أُذنِ فارسِكِ الأمينْ

لحناً فرنسيَّ الرنينْ

لحناً كأيّامي حزينْ



وبدأتُ أكتشفُ اليقينْ

وعرفتُ أنّكِ للسّوى تتجمَّلينْ

ولهُ ترُشِّينَ العطورَ..

وتقلعينَ..

وترتدينْ..

ولمحتُ طوقَ الياسمينْ

في الأرضِ.. مكتومَ الأنينْ

كالجُثَّةِ البيضاءَ ..

تدفعُهُ جموعُ الراقصينْ

ويهمُّ فارسُكِ الجميلُ بأخذِه ..

فتُمانعينْ..

وتُقَهقِهينْ..

" لا شيءَ يستدعي انحناءَكَ ..

ذاكَ طوقُ الياسمينْ.. "









الجمعة، 25 سبتمبر 2009

صرخة في وجه العدالة



ذات وجع...

إستطالت فيه أعناق المنعزلين خلف قضبان الحياة،

تحاول أن تستنهض صرخة..

تكالست مرارا،

ليلقوا بها في وجه العدالة.

إجرام يُسلط على تصنيف شخوصهم...

الممتلئة حزنا وكآبة،

وذات هدوء..

أغلقت الرياح الابواب.

وتطاير الفرح بعيدا،

وجذب الرحيل إليه محزون آخر.

زحفت إليه رائحة الموت...

ذات غفلة من أنفه.

ووقف آخران هناك،..

بجانب جثة ملؤها السكون،

ينتحبان، ويتباكيان ...

ويضمان الأحضان بينهما،

يواسيان الوجع...


الذي زارهم إثر رحيله،

تناهضا متثاقلين بعدها...


ليمددا جسدا

على رصيف الوداع
،
،
،

الأحد، 20 سبتمبر 2009

رد على مُدونة "نور اللا دين" 3 ومعذرة للأحبة .

سأستمع إلى نصيحتكم أيها الأحبة، وأتكلم بعيدا عن السخرية، ووالله ليس طبعي ساخرا بالعكس، ولكن ربما لأنني شعرتُ ان ثمة روحا فُكاهية يتمتع بها الأخ ، فأردتُ ان أسير على خُطى حروفه.

المهم:
هُنا سأتكلم بأسلوب آخر، وبقناعة أُخرى، وبالمناسبة انا لا يعنيني الشيخ الفلاني ولا العلاني ، حين حديث كهذا، ولا كنتُ يوما مُتعصبة لمذهب، بل أكره المذاهب التي فرقت الناس شيعا، وأحزابا، ولو أن الحديث يقول أن إختلاف المذاهب رحمة بأمة محمد،
عُموما ، أنا هُنا لأرد كلاما عن دين يتلبسه عقلي تصديقا، ويقينا ولستُ أتبعه تباعيتي لأحد عُلماءه، إنما أتبعه لأنني أتيقن حقيقته. أنا أكره الإنقياد، وأحث الخُطى خلف كل فكر، واناقش وأُجادل ، لا لأهزم غريمي ، ولكن لأصل معه لشعاع من فكر ، قد يهتدي به كلانا.

سألني أحدهم: عُلا ، مالكِ ومال هذه الأمور؟! أبعدي نفسك عن مثل تلك المُهاترات الفكرية، قُلت، لم أُخلق لآكل وأشرب وأنام وأتزوج وأنجب فقط ، منحني الله العقل ، لأسير خلفه ، وأتكلم ببصمته، وهذا طبعي ،

بالرغم من أنني فتاة عصرية، لأنني لا أرى في الدين تشدد، بل"هذا الدين يُسر، ولن يشاد الدين احدا إلا غلبه، يسروا ولا تعسروا ، بشروا ولا تُنفروا.

ربما ما ولًد كل تلك المُفارقات الفكرية، وجعل البعض يخرج عن مسار التفكير الصحيح، هو عدم إمتثال البعض للحديث الذي ذكرته آنفا، ولا لمبدأ "إدعو إلى طريق ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن" لذلك خسر الكثير من إنساق خلف رأي مُتعصب لا لين فيه .

الشباب ، ومثل أخونا المُدون الذي أقصده هُنا صاحب مُدونة "نور اللادين" أجزم أنه يسكنه نور الدين ، ونور الوجود، ولكني على يقين أيضا أن نوره بهت بداخله بسبب غوغائية فكر ، تربصت به، وتشددت ، وخنقت فكرا داخله ، وأسكنت نبضا بخافقه، لذلك ذهب يطرق الزجاجة طرقا، لإحساسه بالإختناق ، ولضيق صدره، وأمثاله كُثر، للأسف،

الدين دين يُسر ، لا دين تشدد وتعصب، دين حُب لا دين كراهية، دين فكر ونقاش لا دين تبعية، لأننا إن كُنا مُجرد أتباع ، فإننا بلا شك لن نستطيع تكملة المسير، إلا جرا بالحبال أو ضربا بالعصي، ونحن لا يُسيرنا فلان من الناس ، بل "هي المشورة والرأي" مثلما قالها يوما رسول الله لأحد الصحابة.

ما أثار حُنقي ، أن أقرأ كلاما غير منطقي، يكتبه أحدهم ، بينما تشي حروفه بنور يسكنها تُحاول طمسه،
وكلاامي بالأخير مُجرد سرد لما يدور في فكري، وليس غير ذلك. أي أنني أُخرج ما في جُعبتي فقط، لأتكلم عن قناعاتي ، وذلك حق شرعي وإنساني لي، لا يستطيع أحدا أن يُجادلني فيه، من باب حرية الفكر، ولكن يستطيع أحدا أن يلومني عليه، من باب النصيحة، وأشكر كل من نصحني بالبعد والإبتعاد عن الخوض في أمور دينية عقائدية، ولكني كما قُلتُ لكم ، أفكر بصوت مسموع ، أرفض الإنقياد ، أعشق النقاش الذي يحفز عقلي على إستنباط أفكارا قد تكون مُغيبة لدى طرفي الحوار.

أعود للمناقشة، في المدونة المذكورة، لأقول صاحبها، أن الإسلام شيئ، والمسلمون شيئا آخر، أي لا تقيس بمقياس فكر رجل مُسلم، ولكن قيس بالإسلام نفسه، وأخبرك ان تعاليم الإسلام الحق ، لا يمكن لبشر أن يتلبسها جميعها، أو يجعلها نبراسا له، لأن النفس البشرية بالأخير هي مليئة بالدنايا من الأمور، عوضا عن الخبائث الملموسة ، فبلا شك هُناك خبائث معنوية مخفية أيضا، ولكن من باب الستر "لذلك جاء الحديث :"كُل أُمتي مُعافى إلا المُجاهرون" لأنه علم أن الناس مهما بلغ بهم التدين ، فإن ثمة خلل لابد وان يكون ، لذلك أمر بالستر.

ولأنك تنفي بوجود الله بالأساس ، فإن أي حقية أصوغها لك الآن من المرئيات من الأمور، فإنك ستضحك منها ، بإمكاني أن أستمع إلى قهقهتك بوضوح حين عبورك هذه الأسطر، ولا ألومك ، كما أنك لن تلومني لأنني ضحكت آنفا حين عبرتُ حرفك، لأن كلانا لا يفهم لُغة الآخر الفكرية، فيضيع كلانا وسط المعمعة العقائدية، والفلسفية.

خلاصة ما أود قوله لك:
الإسلام لم يمنع السعادة عن أتباعه ، ولم يقول لهم إشقوا في الدُنيا لتسعدوا في الآخرة، كما زعمت أنت بل قال:"ولا تنسى نصيبك من الذُنيا" ، و "هي للذين آمنوا خالصة إلى يوم القيامة"

ما شقي الإنسان إلا بجهله، وإتكاله وتواكله ، وتركه للمسببات والجري وراء الخرافات،
والغرب إن لم يكونوا مُسلمين فقد سعدوا بعملهم في الدُنيا، حين فعلوا الخيرات، وتواصوا بالخير الذي لم يتواصى به بنو الإسلام المُعاصرين للأسف، وتحروا الصدق ، وأخذوا تعاليم الإسلام بحذافيرها ، وإنسلخوا من عقائديته، بينما اغلب المُسلمين ، فعلوا العكس تماما ، فتوشحوا برداء الإسلام كرداء فقط ، وتركوه يقينا ، ولم يمتثلوا بأمواره ، فضاع من شأنهم ما ضاع ، وكان فيهم الفقير والجاهل والمريض والسقيم، لأن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم،
ولان الإسلام والإيمان والعمل الصالح هو بذور للآخرة ، فقد ترك الله ذلك لهم ، ليجزيهم عنه في الآخرة ، كما وعد،
ولكن من ينسى نصيبه من الدُنيا فقد ظلم نفسه بيده، فكيف تُيرد أن يستقيم حال عبد ، فرط في العلم حتى لو كان مُسلما ؟!
الغرب كما قلت لك ، في أنفسهم خير كثير، جازاهم الله بما فعلوا من خير وبما طمحوا إليه من علم في الدُنيا ، لانهم لا جزاء لهم في الآخرة "من كان منهم مُشركا" فمن العدالة إذن ان يكون الجزاء في الدُنيا ، وإن كان جزاءا مؤقتا ، ولكنه يرضيهم.

ومرة أُخرى أقول لك: الدين الذي يقول لأتباعه"تبسمك في وجه أخيك صدقة" لا يُمكن ان يدعوا أصحابه إلى أن يكونوا تُعساء ليسعدوا في الآخرة، ذلك كلام جهله مردود عليهم،

وأما قولك بأنك ترى السعادة في الحرية التامية في الشرب والجنس وخلافه ، فأقول لك ، أنت مخلوق كرمه الله، وتلك التي ذكرت إنما هي حياة الانعام ، فهي التي تبيح لنفسها كل طقوس العيش بغوغائية الشهوات، ومُقتضياتها لأنه لا عقل لها أصلا لتستعين به في توجيه حياتها، فهي وِجدت في الحياة عبثا، فهل وِجدت انت في الحياة عبثا؟!!

إنتهى كلامي هُنا، وسأمتثل لنصيحة البعض بأن أترك هذا الجدل ، ليس لانني إقتنعتُ بكلامهم بأنه لا طائل من وراءه، ولكن لأنني أريد أن أتنفس بعمق قليلا، بعيدا عن صخب المُناقشات العقيمة،
ولكن لا أعدكم بأنني لن أرجع الحديث هُنا،
بل سأعود كُلما خاطبني العقل وألح بمخاض فكرة ما. "معذرة إلى ربكم ، ولعهلهم يتقون "

شكرا لوقتكم أيها الأحبة.

السبت، 19 سبتمبر 2009

رد على مُدونة نور اللادين " 2

قلتُ لك، ستكون لي عودة، وها أنا أعود.
لأكمل الحديث والنقاش أيها الطيب^_^.ولكن في زاويتي ريثما تسمح لي بعبور زاويتك^_^


قلت في بعض ما قلت ، أن الإله ليس بحاجة إلى عبادة مخلوق ليسعد، لذلك نفيت أن وجودنا للعبادة!
أسألك :ما العبادة التي يقصدها المولى جل وعلا؟! أتعرف ؟!
أتعرف أن نومك عِبادة؟! أتعرف أنه العبادة أصلا هي الإصلاح في الأرض كيف ما كان؟ أتعرف أن تبسمك عبادة؟ أتعرف أن إستحمامك عبادة؟ أتعرف أن إتيانك زوجتك عبادة؟ أتعرف أن إدخالك السرور في قلب بشر أي كان عبادة؟ أتعرف أن فعل الخير كله عبادة؟ أتعرف أنك أصل كل تلك العبادات، وإقرارها لا يكون إلا بإيمانك برب كل تلك الأشياء التي ذكرتها لك.؟
انت طبعا لا تؤمن بوجود الله بالأساس ، لأنه بنظرة عقلك القاصر غير موجود.
لكني فقط أريد أن ارد على كلامك الذي قلت"بأن كيف الرب يسعد بعبادة خلقه" ، لأن فعل الخير يضفي السلام على الأرض، ويسعد خلق الله، لذلك يسعد الله بعبادة خلقه، إذا يسعد الله حين يعم السلام والخير والصلاح في الأرض ، لذلك بعث الرسل، عليهم السلام.
ام إنك لم تقرأ قوله تعالى:" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب...... الآية.

تخيل معي-عُدنا لنفس لُعبتك^_^- تخيل معي أنك كنت ماشي في طريقك فوقع حجر على رأسك فجأة، كيف ستكون ردة فعلك؟
ستغضب وتسأل من فعل ذلك ؟ ماذا لو أتاك الجواب :"لم يفعله أحد، بل الحجر من تلقاء نفسه إرتفع من على الأرض، ووقع عليك!!
هل ستصدق؟ طبعا لا لأن كل فعل لابد له من فاعل،

أو لما لا تقول بأن جراهامبل مثلا، ليس هو من أوجد الهاتف، يكذب، الهاتف وجد وحده هكذا ، لم يوجده أحد ، ما الذي أكد لنا أن جراهامبل هو مُخترع الهاتف؟!

يا أخ العرب، كل صنعة ولها صانع ،

من زاوية أخرى، قلت أن المسلمين يتبركون بالبعرة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ألف علامة إستفهام هُنا، ما مصدر معلومتك تلك سيدي؟!
الإسلام الذي أوصى بالبعد عن الخرافات ، تأتي انت أو غيرك لتقولوا عنه ذلك الكلام؟!!! عجبا!!
أتعلم أنت أن سيدات أروبا الأوائل كُن يتمضمضن بالبول؟!!!!
أين هُم من طهارة الإسلام الذي أمر بأن يغتسل المسلم خمس مرات في اليوم؟!


لي عودة للتكملة إن شاء الله

رد على مُدونة"نور اللادين"

سلام الله
حاولتُ أن أُدرج هذا التعليق في مُدونة "نور اللادين"
ولكني فُوجئت برسالة تقول:"ستم إضافة تعليقك بعد الموافقة"
ولأنني أشك في أن صاحب المُدونة سيوافق على تعليقي، -ولو أنني كُنت أود مُناقشته" ولكنني كما قلتُ لكم
أشك أنه سيوافق على تعليقي، لأن أمثال أؤلئك لا يريدون أن يسمعوا، فقط ، يُحبون أن يُسمع لهم.
ولو أنني لا زالت أطمع أن يُوافق على تعليقي الذي كتبته على عُجالة،

أترككم مع التعليق ، على هذه المدونة:
http://http//islamless.blogspot.com/2009/09/4.html#comment-form


التعليق:

مرحبا أخ العرب،
رأيتُ مُدونتك في أحد أدراج الأخوة،
شدني العنوان، حفظت الصفحة، قرأتُ ما جاء فيها،
وعند كل سطر كنتُ أضحك، لا إعجابا طبعا، وإنما إستغرابا من طريقة تفكيرك، وعرضك لدلائلك التي لا أدري كيف تقيس بها صدقا؟!!!!

طبعا تعليقي هُنا سيكون على كل ما قرأت، أي على هذه الصفحة كلها،
إعذرني يا أخ العرب، "لن أقول أخي، لأنه قد يُغضبك أن تكون مُسلمة أختك^_^.
أولا: دعني أُصحح لك، "المؤمن هو كل من آمن بالله ، وليس مقتصرا على المسلمين وحدهم، آمن بالله وعمل صالحا " ، والآية "لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى" لست أنت ولا نحن المُخاطبين بها، وإنما المقصود هو سيد الخلق"الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه". فلا تقل أنك تستطيع إرضاءهم، لا تعنيهم أنت أصلا ، ليغضبوا عليك، هم يعنيهم "محمد، وما أتى به من علم ، يثير غضبهم ، " إفهم هذا.

ما يُثير دهشتي، أنك لا تؤمن بالإله، وتنفي كلامه، وتقول غير موجود،
سؤال ، هل رأيت "أنشتاين" ؟! ذلك الذي ذكرته في مواضيعك وإستشهدت بكلامه أكثر من مرة! أم هل رأيت أبو العلاء المُعري؟! أبو العلاء الذي كان يُجادل في حكمة الله وفي الله أيضا ولكنه بالأخير إستسلم وآمن بوجود الإله، وسلم الأمر كله له.
طبعا أنت لم ترهم ، ولكنهم أخبروك عنهم، لما صدقتهم؟!!!!!!!!!!!!
لما لم تجادل في حقيقة وجودهم؟! المفروض أن تفعل؟! لأن لديك عقل ، أليس كذلك؟ أم هل أنبأتك كتبهم أنهم كانوا موجون؟! وما يُدريك أنها كتبهم؟! ربما تكون ليست لهم ، بل إدعى البعض ذلك، وربما أنشتاين ليس صاحب تلك النظريات التي سطرتها أنت هُنا! لما أنت واثق انها له؟!


سؤالي لك، كيف أتيت؟! كيف اتيت إلى الوجود؟ طبعا أبويك سبب مجيئك،
حسنا ماذا لو جاءك أحدهم وقال لك: أنت وِجدت هكذا ، بلا أم ولا أب، لما ترضخخ لوالديك؟! هل رأيت أمك وهي تلدك؟! كان عليها أن تسجل ذلك وتحتفظ به لتريك أنها أنجبتك فعلا.

العقل الذي تتهمنا أننا فقدناه، وإننا لن نعترف بذلك لأنه لا يوجد مجنون يعترف بجنونه! ههههههه. صحيح ، 100% ، لذلك لا جدال هُنا.

إبعث الموتى ، وإسألهم إن إستطعت، فلربما أيقنت بوجود الإله حقيقة،

كثيرا ما قلت لنا "تخيلوا" الآن أنا أقولها لك: "تخيل، أن عملاقا أتى، جذبك من قميصك، وألقى بك على الأرض، وقال لك أرفع الجبل"^_^" مُضحك أليس كذلك، ولكن تخيل ذلك مثلما طلبت منا نحن أن نتخيل أشياء مُضحكة، فقط لتُقنعنا أنك على حق وتضحك على عقولنا بهوس كلامك^_^
أتخيلت ما قلتُ لك؟ عملاق لا طاقة لك به، يأمرك أن ترفع الجبل فوقه!! وأنت الضعيف لا تقوى على ذلك، تخيل أنك تقف أمامه وتنهره، فيخيل لك أنه سيخاف ويهرب منك!!
أم أنه سيصعقك حتى لا يذرك شيئا؟! ربما قبل أن تراه ستشحظ بكلام كالكلام الذي دونته هُنا، وتقول "هذا العملاق لا يقوى على شيء وكذا وكذا" ويأتيك هو فجأة فيأخذك على حين غفلة،

أيها الأخ ، لا تُجادل في الله وهو شديد المحال، فإنك لست بأكبر من الجبل ، ولا أعمق من البحر، ولا أرفع من السماء، فتفكر ، فيما حولك ، وإقرأ أسطر الكون بقلبك لا ببصرك، تُنبأك بما عمي عليك.

أسمح لي، أن أقول لك، أنه إن كان هناك من يدور في حلقه مُفرغة فهو أنت، لأنك تأتي بالأمثلة نفسها في كل مرة ، ولا تستطيع إثبات شيء، فقط تُعيد وتزيد في نفس الكلام، دون أن تقنعنا حقيقة بما تقول، أشعرك كالطفل الذي الذي تستعصي عليه مٍسالة حسابية ، وأي ذو فكر وعقل سيضحك هُنا كثيرا، وأعتذر لذلك، ولكنها الحقيقة.

قد تكون لي عودة.

الجمعة، 18 سبتمبر 2009

مجرد ثرثرة

هناك حروف تسقط منا أحيانا ، حين حواراتنا مع الآخر،
وهناك إسقاطات توقعنا في فوهة البركان، وتجعلنا في موضع الإتهام،

*&*

كثيرا ما نعاتب فلان من الناس، لانه أصبح لا يسأل عنا،
لما لا ندرك أن لكل إنسان إهتماماته ومشاغله،
التي تجبره في أحيانا كثيرة، على الإبتعاد عن الآخر؟!

*&*

مثلما لنا هموم، ومشاغل، فإن للآخر مشاغله وهمومه أيضا،
ومثلما نريد أن يفهمنا الآخر،
فإن الآخر بحاجة إلى فهمنا له أيضا،
مثلما أنت تود أن يعذرك الآخر على تقصيرك،
فإن الآخر بحاجة ايضا ان تقدر له سد مكانه حين غيابك، وتشكره على ذلك.

*&*

مستحيل أن تقوم الحياة على تقديم التنازلات من طرف دون آخر،
وإن قدم أحدنا تنازلات، فإنه بالمقابل ينتظرنا أن نعتذر له عن تقصيرنا وترك الأمر برمته على كاهله،

أما أن نقابل الحسنة بالسيئة، ونتهم الآخر بدلا من أن نشكره،
فإننا بذلك نهدم جسر التواصل بيننا كأفراد، فلا يعود للعطاء قيمة،
ولا للتضحية عنوان،

ويستمر ذلك الحال بنا في كل زاوية فكر، وفي كل تعاملاتنا اليومية مع الآخر،

فتتعثر كل سبل التواصل بين أفراد المجتمع...

*&*

قالت زوجة أخي ذات ثرثرة: محظوظة أنتِ بأخيكِ فلان
أراه يهتم بكِ كثيرا.
إبتسمت معلقة: نعم ، تماما مثلما كان يفعل زوجك قبل أن يتزوج.
قالت: سامحكِ الله، هل تقصدين أنني سبب تغيره؟
ضحكت وقلت: لا يا عزيزتي، لكن طبيعة الحياة الزوجية وظروفها،

قبل الزواج لم تكن ثمة أنثى يهتم بها،
فمن الطبيعي أن تجد أي فتاة من أخيها الإهتمام،

أما بعد الزواج، فقد شغل الفكر بالزوجة ومسؤليات الزواج وتبعاته،

*&*

أذكر مرة، نشرتُ تعقيبا على موضوع:"زوجات الاخوة في قفص الإتهام"

فإذا بزوجة أحد إخوتي، ما إن قرأت العنوان، حتى علقت معترضة،

قلت بعد أن أبتسمت، وأهديتها إنعطافات الإبتسامة
إقرئي رأيي في الموضوع عزيزتي،
لا تعترضي قبل أن تقرئي.


*&*

مجرد ثرثرة.

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

ليش؟! هو لسة فيه رجال؟!

حِلمكـ علي قليلا،
لا تنكروا علي العنوان، فيثور غضبكم وحنقكم،


كنتُ أتابع مسلسلا تركيا، "الأجنحة المنكسرة"
الذي تعرضه قناة أم بي سي،
مسلسل سياسي، يحكي عن نضال الأتراكـ في فترة
إعتداء اليونان عليهم،


للأسف، لم يلقى ذلكـ المسلسل رواجا بين عامة العرب،
مثلما لاقى أخويه من قبل:"نور وسنوات الضياع"


بالرغم من أنه الأكثر هدفا بينهما!
على العموم ذلكـ ليس موضوعنا،
ولا تلكـ هي قضيتنا،


ما هي القضية إذن يا حلم؟؟
سؤال أسمعه يرتد إلي عبر تساؤلاتكم الآن،


القضية أن عبارة رمت بها على مسامع المشاهدين
البطلة "ناضلي"
حين قالت، معلقة على كلام إحداهن في
لحظة إنهماكهن بأعمال هي من إختصاص الرجل أصلا
وهي تقول:نحن مش بحاجة لـ منية الرجل،
تعودنا أن نقوم بكل شيئ لوحدنا"


فردت عليها البطلة :"ناضلي"
:"ليش لسة فيه رجال؟!


فردت الأخرى:"صدقتي لك بنتي،
ما عاد فيه رجال، .. ضاعوا"!!



أستوقفني سؤالها الإستنكاري الساخر ذاكـ
فرحل عقلي يعبر الواقع
يفتش عن الاسباب والدواعي،
لإثارة مثل ذلكـ التساؤل،
:"ليش لسه فيه رجال؟؟!!


فرحتُ اتساءل بيني وبيني:" ترى ما هو مدلول كلمة رجال؟؟
ما هي مواصفات الرجولة التي يجب ان يتحلى بها الرجال؟؟
ولماذا هي شبه غائبة-إن صح التعبير- بين الاجيال الحالية؟؟!


ولماذا كلما جاء جيل،
تساءلنا:"أين الرجال؟؟!!


نراهم بــ لحى، وبـ شنبات،
هيئة رجل،
ولكن مضمونها يكاد أن يكون غائبا،


إذ النخوة قلما تجدها الآن بين رجال هذا العصر
قلما تجد الرجال الصناديد بحق


تجد الواحد منهم فاترا لا من مانع لديه ان يترك صفة القوامة لزوجته،
ولا تأخذه الحمية إن رآها منهكة جسديا في أمور هي من إختصاصه أصلا،


وصفاته المنحوتة بين جيناته كـ رجل تثبت بما لا يدع مجالا للشكـ
أن تلكـ المهام هي من مهامه،


ولكنه ... هل نقول أنه تخلى عن رجولته؟
عن قيادته؟
عن قوامته؟



كيف بـ مركبه إذن أن يسلم، من تلاطمات الموج حوله؟!
وما هي أسباب كل تلك التحولات في حياة الرجل المعاصر؟


هل هو المجتمع؟
المراة؟
التربية؟
غياب القدوة الحسنة؟
أم ما هي الأسباب تحديدا؟؟


أترككم ، وسأعود إليكم حتما،
فقط سـ أذهب لأتنفس بعمق،
وآخذ بعضا من الإسترخاء الفكري،


لعلي استطيع بعده محاورتك هنا.


.
.
.



خارج السرب ، اغرد:
تحية للرجال الصناديد الذين لم ينسوا بعد
جينات الرجولة بين خلاياهم الذكورية

رابط المناقشة

مــــــــرآه




أن ندرك ان ثقافات الناس مُختلفة، تبعا للبيئات التي تربوا فيها، فذلك يعني قطعا أن نؤمن أن ليس كل البشر يشربون من بئر فهم واحدة، فمشارب الناس تختلف بإختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم ومعتقداتهم. المنطق يقول ذلك والتعامل يوضح لنا الرؤيا جلية بعد حين من الدهر، ومن العشرة أيضا.
يصفع ذاكرتك المترامية بين ردهات لقاءات جمعتك بصديق يوما تحت مظلة الحُب الأخوي، غطى نفسيكما برداء الطيبة، فلا يساورك شك أن روحا به تحوي جمال يتسربل رداءه كل لحظة، وكل ضحكة، وكل لقاء ، فتأتي شرارة الفجأة ، تحرق كل ما توهمته من خير في من كنت تعتقد أنه بنقاء الثلج وبياضه، حين يأتي يوما وقد نسي ان يرتدي قناعه ، الذي إعتاد ان يُقابلك به، فتراه بوجهه القبيح، يلطمك بكلمات هي بقسوة الحجر الصلد، بل وأقسى، تظل للحظات غير مُستوعب ما يحدث، فتأخذك مساحة شاسعة من الصمت المُحزن، والمُربك أيضا، وفجأة تجد نفسك لا تملك إلا ان تقهقه ألما مما تسمع وربما جاءت قهقهتك حزنا على من يرمي بجذاذ تلك الحروف، على رصيف ذكريات جميلة جمعتك به يوما، فتشفق عليه، وتتمنى ان تنببه لمغيب الشمس من غرف قلبه، وأنه بدا لزاما أن يفتح نافذة بين تلك الغرف ، ليسكنها دفئ الحقيقة للحظات، لأن ثمة ظلمة سكنته فجأة، ساعدت على إنبات الكثير من الأفكار السامة، والكثير من الأدران المؤذية لشريان الحياء به، ولكنك تتراجع، لأنك لا تدري، أحقا ثمة ظلمة سكنت قلبه فجأة، أم أن خيبتك تلك التي رمت بك في طريق كان ينتعل فيها الطيبة خطوات إليك ،ثم ما لبث أن أتاك حافيا منها، مُعريا قلبه من كل خير، يُشهر في وجهك سيف كلماته، ويمضي غير آبه بجروح أدمى بها قلبك. وبحق يسكنك الحزن، ليس لأنك مهتما بما يقول، ولكن لأنك تدرك أن ثمة خيبة كبيرة طالت قلبك، حين إعتقدت للحظة ان الصبار قد يكون ناعم الملمس يوما، وتناسيت شوكه، لأنك أردت ان تمنحه فرصة ليرى الحياة بمنظار الحب، بمنظار العطاء، بمنظار خفض الجناح ،بمنظار النقاء، بعيدا عن تشوهات الحقد الجهول، فإذا به يُفسر كل رمشة عين منك، وكل حرف لفظته في حضرته عن حب، بأنه تذلل له كي تنال شيئا منه فقط!! وتسكنك الدهشة حين تسمع مثل ذلك الكلام، وأنت من كنت تجر أنفاسك خلفه، كي تقوده إلى مدينة من الفرح، لا لشيء، فقط لأنك أحببت الخير أن يتسربل كل تعاملاتك اليومية مع كل من حولك، وخفضت جناحك للجميع ، وإحوتهم نفسك بحب، بالرغم من كل ما يشي به ماضيهم من سوء أدب، وسوء ظن وسوء تعامل ،وما يشي به من حقد دفين أيضا ، حقد سكن قلوبهم ذات يوم، لا زالت رياحا تبعثه من مكمنه كل حين ، بالرغم من أنك تحاول جاهدا أن تلتقط كل أذى بها ، وتغسل كل درن علق بها، ، ظنا منك أن الشر مستحيل ان يسكن قلبا يوما، وإنما هو زائر لحظي، يأتي متسربلا رداء اللحظات الغبية، ومنتعلا خيبات طاردت يوما خطواته، فتظن "جهلا" أن كل الناس بعرف قلب واحد، وكلهم يحملون ذات الطيبة وذات الروح الخيرية المُبصرة جمالا.
ولأنك لا تدري أي ديناصور إبتلع صاحبك فجأة ، ليلقي لك بذلك الكم الهائل من النيران ، على هيئة حروف،مُلطخة بالمهانة، مُعراة من الجمال، توشك أن تغتال كل جماليات اللحظات الفائتة، التي جمعت بينكما ذات قناع كان يرتديه أحدكما بلا شك، ولفرط ما كنت تؤمن بأخلاق مُحدثك، فإنه قد ترمي بك الهواجس إلى أن تُعيب خلقا أو تصرفا بدر منك، تبحث عنه بين يدي اللحظات التي جمعتكما يوما، فلا تجد إلا أنك كنت ساذجا تلك السذاجة التي أهدتك قناعات غبية، جعلتك لا تُبصر إلا ما تُريد إبصاره ، فتتجاهل كل شر، وتغظ الطرف عن أي حقد، وترفع راية الحُب خفاقة، فإذا بالأيام تصفعك بحقيقة مرة، مؤلمة، موجعة.

أخشى أن مثل تلك القلوب ،بأفكارها الغبية في الحياة، تجعلنا يوما ننحرف عن مبادئنا ، وتنتعل خطواتنا حماقاتهم الحياتية، لفرط ما يُفاجئوننا بها،بل أخشى ما أخشاه ، أن تُظلنا مثل تلك القلوب، فنتلبس يقينا ، أفكارا ظالمة، ومعتقدات ظالة ، ونظن بأن كل الإبتسامات التي قد يمطرنا بها الآخر ذات لقاء، ما هي إلا غويات شيطانية، أتت بها اللحظة لتنافقك ، وبعدها ترحل وتأتي فاجعة رياح تعري لك تلك الوجوه التي ظننت يوما أن بها مسحة من ضياء حُب، فإذا بك تكتشف خيباتك المتلاحقة غرزا في حياة كثيرا ما غدرت بك، لتضحك من ثقافتك وقناعاتك الساذجة التي أوصلتك لكل ذلك.


همسة:
إغضب صديقك، تستقرئ باطنه.

عُلا الشكيلي


المقال نُشر بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة بتاريخ16 \9\2009

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

لِحُزنِي نَصِيبٌ مِنُ جَهَلِهُم

لم أكن قد علمت بعد أن لقلمي مُتابعون.
أنا أكتب فقط لأبعثرُ نفسي ،
حتى جاء يوم إتصلتُ فيه بأحد الأدباء العرب
المتواحدين بالسلطنة. لأستشيره بأمر ما
عرفته بنفسي ، فعرفني. ورحب بي .
قال:
أنا أقرأ لكِ! يروق لي فكرك جدا!
قلت:
وقلمي؟
ضحك، وقال:
وهل تجدين بينهما إختلاف؟!
قلت :
مؤكد. أم ما رأيك أنت؟
أجاب:
لأجل ذالك يُعجبني فكرك!
أعدتُ السؤال:
وقلمي؟
أجاب ، ربما يكون بحاجة إلى رئة من فرح...تتنفَسُه!

ليس الوحيد الذي قال ذلك.
كُثرٌ هُمْ الذين يُعيبون على قلمي شجنه!!
\\
\\
\\

وَيَسًألُونْ:
مًا سِرُ اُلْحُزنِ .....يُغَازِل حَرفِك؟!
وَأُجِيب:
أَعْشَقُه!
يَتَسَربَلُ بِي حِكَايْة... كَــ فَجَرِ أَكَحَلَ
وَيَسًكُنْ رًاحْتِي بَيْنَ دَفَتيَ حُلمْ،
يُزَكِي نَفْسَهْ،
لِيعُلِنْ عَنِي هَيأَتِي ، يُتَسَربَلَنِي بِرِدَاءٍ مُخْتَلِفْ،
فَأْكُونُ أَنَا وَهُوِ ،( عَاشِقَانَ، لِحَرْفٍ مِنْ شَجَنْ).
أَلْتَحِفَهُ ذَاتْ لَيْلِ مُتَصَدِعَةٌ زَاِوِيتَهُ بِالْحِلِمْ.
أُتَرَنَمُ بِه أُغْنِيَةٌ حِيْنَ تَعَزِفُنِي رِيَاحه،
أَنْبَثِقُ كَـ وِشَايَةُ مَطَرْ
أُبَلِلُ عُتْمَتُه.
وَاَرقِصُ عَلَى وَقْعِ خَطُواتِه.
وَهُوْ يَعبِرُ زُجَاجَ اَلْنَافِذْة.
يُزِيحُ رُعَباً عَلِقَ بَهَا ، وهَوساً مِنْ قَلْقَ عَلِقَ بِي.
لِنضًحَكُ ثَلاْثَتُنَا.
وَنُقَهقِهُ ، حَتًى إِنْبِلَاجِ اَلْحُزنْ.
وَصَحْوَةُ اَلْغَفوةِ اَلْأُولَى.
فَأَنَامُ، فِي عُتًمَة اَلْشًمْسُ وَحِيدةَ.
تَصَحَبُنِي غِوَايَاتِ قَهُرِهِمْ.
وَحِينْ تَلسَعُنِي حَمَاقَاتِهُمْ.
أَضًحَكُ مِنْهًا.
وَتَتَقاطَرُ مِنْ قَلْبِي قَطَرَاتُ أَلْمَ.
تَضحَكُ أَنَفَاسِي كَثِيرَا.
يَبَكِي قَلبِي أَكَثَرْ.
وَأَبَعَثُ صَلَوَاتِ إِلِيً
عَلًنِي بَطْرِيقَتَهَا اَلْمُثلًى، أَهْتَدِي!

فَأُبصِرُنِي، فِكْرًا
فِي زَاوِيةُ أُخْرَى.
بَنَفَسِ أُخَرَى.
تَستَعِيرُ حُرُوفِي.
لِتُبَروِزَ بِه مُدَوِنًتًهًا اًلْإلكَترُونِية.
حَيْنَ رَأيْتُ عُنْوَانٌ لِي هُنَاكَ.
دَخَلْت،
وَقَرأَتَنِي بَيْنَ دَفَتًي اَلْدَهَشَة.
وَأمَطَرَتَني ، قَبُلَات مِنْ حُزنْ.
وَصَعَدتُ نَاحِيةُ شَهقَتِي ،
أُغَنِيهَا ، أَتَرَنَمُ بِهَا.. حَرْفا، فِكْرَا.
وَفِكَرَا حَرْفَا،
وَأَصنَعُنِي غِوأيَةٌ حَرفَ.
وَاصلتُ بَعَدَها،
سَرَدَا فِينِي.
وَدَوْنَتُ عُنْوَان إِلكتُرونيا لِي.
أُرفِقَهُ بَجانِب صُورَتي، وحرُوف مَقَالي.
كُلْ إَسٍبوع ،عَلْى زَاويةٌ مَنْ فِكْر.
لِأضحَكُ قَهَقهةٌ.
حِين تَصِلُني ، مَنْ بِيْنَ تِلكُم اَلْرَسَائَل.
حُرُوفاَ يُأنِبُنِي صَاحِبُهَا.
عَلْى نَشرِي لِعِنْوَانِي، وَصُورَتِي!!!!!!!!!!
يَا إَلهِي...
أَلِهّذِهِ اَلْدَرَجَةَ أَذَنَبْت؟!
أَلِهّذهِ اَلْدَرجَة، بِتَنَا نَحْنُ مَعَشَرُ اَلْنِسَاء عَوْرة، ؟!
أَلْهذِهِ اَلْدَرجَة، بَاتت، تَقَااطِيعُ وَجوهُنَا ، تَغتَالُ كُل فَضِيلَة فِي حَرفِنا؟!
أَلِهَذِهِ اَلْدَرَجة، هُمْ أَوْفِياء لِدِينَهُمْ؟!
أَلِهَذِهِ اَلْدَرَجَة، نَحْنُ مَنْزُوعات اَلْوِلَايَة؟!
وَجَدتهُ يَقُول:
لِمّاذا شَوهتِ قَلمِك بِصُوَرَتِك؟!
فَنَهَضتُ مِنْ عَلْى مِنْضَدةٌ اَلْحرْفِ مُجفلة.
أَنْظُرُ إِلِي!!
إِلَهِي ، حَمَدَا لَكْ عَلى مَا أَبًدَعَتْ
لَا أبدُو بِنعمةُ حُسنُ تَصوِيرَك ،
وَمَا أَبدعتْ يَا الله، قَبِيحًة!
مَا لَهُمْ كَيْفَ يَحكِمُونْ؟!
وأي حَدِيثٍ لِمْا تَهوى أَنفُسهُمْ، يَتحَذلقُون؟!

ثَمْ أَعُودَ، أَكَمِلُ رِسَالتُهَ،
لَأَقرَأَهُ يَقُولُ بَعْدَهَا:
أَلِيَزَدَادُ عدَدَ قُرَائِك، أَلْحَقتِ صُورًتِك؟!
فَضَحَكْتُ صِدقَا.
ضَحَكتُ أَلْمَا مِنْ فِكرِه اَلْمُشَوه.

يُرَدِدُونَ عَلْى مَسًمَعُ عَينِي"أسَتَغفِرُ اَلْله"
وَأَبتَسِمُ حُزنَا عَلى جَهلِهِم،
وأَقول، مَخَاطبة، ضِحكَتِي،
نَعَمْ، صَدِقْتُمْ،
إسَتَغفِرُوا اَلْله كَثِيرَا عَلى جَهلِكُم.
وَاُطفيئ جِهَازي، وأَنا غَارِقَةٌ فِي
ضِحَكي مِنْ ضَحَالة، وَعيهُمْ!!!
..
..
..
مَهَلَا،
هَلْ أَدَرَكتُمْ اَلْآنْ سَبَب حُزْنِي؟
هَلَ أَنِبأَتَكُمْ حُرُوفِي، عَنْ نِفَسِهَا؟
هَلْ عَلِمتُمْ مَا خَطبُهَا؟


عُـــــــــــلا





الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

طه حسين ، وإنصافه لأبي العلاء

طه حسين، وإنصافه لأبي العلاء.

كنتُ أقرأ كتاب "طه حسين مع أبو العلاء في سجنه" ، شدني ما حوته عاطفة طه حسين من حُب لأبي العلاء، ذلك الحب الذي أعلنه صراحة، وباردنا به في الصفحات الأولى من كتابه، لينبهنا أنه ليس بصدد النقد هنا لأدب أبو العلاء وفنه وفكره وفلسفته، وإنما هو يعرض سيرة أبو العلاء كما يعرض سيرة صديق أو مُحب، لذلك رأيناه يحاول جاهدا أن يُبرئ سيرة أبو العلاء لدى قراء "اللزوميات أو الفصول والغايات" ، بسبب فلسفته الآثمة في بعض الأحيان ، وإيمانه الكبير بمقدرته العقلية التي جعلته يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، إعتمادا على مقياس العقل الذي كان لا يؤمن بغيره إماما في تسير الإنسان، فأبو العلاء لديه إقتناع تام بمقدرة العقل البشري على أن يكون هاديا مُرشدا في كل ما يعترض البشر من تساؤلات أو مِحن .
إيمان أبو العلاء بمقدرته العقلية جعلته ينتعل الكبرياء لأقصى حدوده، بالرغم من أننا نقرأ تواضعه في كثير من الأحيان حين يُعرض علينا "اللزوميات ، والفصول والغايات" بالرغم من ان هذه المذكورات آنفا هي نفسها ما كان يشحط أبو العلاء فيها برداء كبرياء يتعجب منه القارئ ، بل ربما قد يرمي كاتبه بالكفر كونه أنكر بعض الفروض، وكونه هجا الناس جميعا من ضمنهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
كُنت افكر بطريقة إستعراض طه حسين لسيرة أبو العلاء وذلك الحُب الذي غمره به، حتى أنه صوره بأجمل صورة لقراءه، ودفع عنه الكثير من التُهم. أكان طه حسين متعاطفا مع أبو العلاء كونه" أعمى" ؟! لا أظن ذلك، فذاك بشار بن برد كان أعمى ايضا، ولكن طه حسين لم يكن لينحاز له، او حاول أن يُبرئ ساحته ، بل إنه ذم فكره، وخلقه وهو مُحق فيما ذهب إليه، فبشار كان مُغرقا في ملذاته مُسرفا فيها مُتبجح في المُجاهرة بالمعصية بلا حياء ولا خوف. على ان الإثنين كانا سيئا الظن بالناس ، وكانا متشائمين ، ذلك التشاؤم الذي جعل أحدهم وهو بشار – يركن إلى العهارة والفجور والإباحة، وجعل الثاني "وهو أبو العلاء" يركن إلى الطهر في كل فصول حياته.
إذن الذي جعل "أبو العلاء "ينفرد بمحبة "طه حسين" ربما كون أبو العلاء رجل نقي القلب، رقيق الشعور ، رحيم بالمخلوقات التي لا تعقل ، أو ربما كون أبو العلاء بالرغم من كبرياءه الواضح وإعتزازه بمقدرته العقلية وسوء ظنه بالناس"كونه لا يرى تصرفاتهم ولا هيئاتهم" ، وإنكاره بعض الفروض، بل وإنكاره البعث في أحايين كثيرة، إلا أننا حين نتتبع كلام طه حسين عنه، نجده فعلا قد نقى سيرته، وبين لنا الخصال الحميدة التي تميزه وتبرا ساحته لدى قراءه.
ولا ينكر "طه حسين" أن أبو العلاء كان إبيقورا ، المعتقد والفكر والفلسفة، في ماديتهم وإيمانهم بالفناء وإنكارهم للبعث"، إلا أنه يذكرنا في أكثر من موضع من كتابه ايضا أن أبو العلاء ،كان يؤمن بالله أشد الإيمان ، بل ويمجده في كثير من مواضع اللزوميات وكتاب الفصول والغايات، ويذهب به عقله أحيانا إلى التواضع، فيترك هوسه بمعرفة "حكمة الله " ويُذعن لعظمته، ويؤمن بالبعث ، ثم ما يلبث أن يأخذه كبرياء وثقته بمقدرته العقلية أن ينكر البعث، كان مُتذبذب الفكر والإعتقاد لفرط ما كان يخلو بنفسه، ولفرط ما كان يثق في عقله.
تعود بنا الحيرة عن سبب إصرار "طه حسين" على تبرأة ساحة "ابو العلاء" بالرغم من كل السلبيات التي تنقص من إيمانه الشيء الكثير . فلا نجد غير أن ما دفع طه حسين لذود التُهم عن "ابو العلاء" هي محبته له والتي يصرح بها في أكثر من مرة من كتابه، وعلل بها سبب دفاعه عنه.
ذلك الحُب الذي بلا شك لم ينوجد في قلب "طه حسين "ناحية ابو العلاء" إلا لأن خِصالا تمتع بها ابو العلاء وقعت في قلب طه حسين وجعلته يكبره في قلبه وفي نفسه، تلك الخصال الإنسانية التي هي روح الدين حين قال "ص" :"الدين المُعاملة" ، فنحن حين نُحب صفة حميدة ، فمما لا شك فيه اننا نُحب من يتخلق بها.
أقنعني "طه حيسن بطهر يسكن أبو العلاء، بالرغم من كل ما فسد به إيمانه من معتقدات.
همسة:
الكثير من الكُتَاب ، يتخلقون بخلق طه حسين، فيبعثون شمائل وميزات زُملاء الحرف والفكر الذين لم يبقى من أثرهم سوى كتبهم وفلسفة تضج بها تلك الكتب ، بخيرها وشرها ، بإعتدالها وجورها، إلا أنهم ينبشون في جماليات الشخصية، وإيجابات الفكر، والكثير منهم غير ذلك للأسف، ممن ينبشون في عورات الموتى ، ويُغالون في إنتقادهم وإبراز مساؤهم ويغضون الطرف عن محاسنهم ومميزاتم.
عُلا الشكيلي
سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجردية الشبيبة
الأربعاء بتاريخ9\9\2009

الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

لحظات روحانيىة


لحظات روحانية.


كثيرا ما تسيطر علينا لحظات تأملية تسافر بأرواحنا خلف نطاق الواقع، لا ندري مصدرها الفعلي، ولا أي موقف أو حدث رمى بها في عقولنا ولا كيف إنتعلت خيالنا، تجدنا هكذا فجأة نمسك بزمام لحظة ، نرتحل معها مُتسكعين في خيالاتنا أو مشدوهين بأفكارا توالدت على إثرها في رحلة نستكشف منها الكثير من أسرار هذا الكون الممتلئ غرابة في أغلب هيئاته. التأمل رحلة روحية غريبة جدا تقودها في الغالب فكرة لحظة إنحرفت بعض تفاصيلها عن مسارها المألوف لدينا، فنلاحقها لنمسك بها، ولكنها ترحل بنا في فضاء آخر، فضاء غريب بطقوسه بأسراره، بشعوره الذي يختلج في داواخلنا . ومن عجائب هذه اللحظات أنها تنولد من أشياء سابقا كانت تعبرنا بسلام، دون أن ندرك خفاياها أو أن تجبرنا على الرحيل معها في لحظة روحية تأملية تسبح بنا في سماء الفكر. تُرى ما الذي يجعلنا احيانا نرتحل مُحلقين بخيالنا وفكرنا خلف مشهد معين، قد نكون صادفناه مرارا سابقا، إلا أننا نراه في تلك اللحظة بهئية مختلفة يجعلنا نفكك كل جزئية فيه، وننتزع أنفسنا من الواقع، مُجبرين على التحليق خلف أسراب فكرة أتى بها المشهد ذاك، وتوالدت على إثرها أفكار وتأملات روحية كثيرة، قد تجعلنا ندرك أمورا لم نكن ندركها من قبل، ونستكشف أشياء كانت أمامنا إسابقا لا أننا لم نكن نبصرها!.
قرأتُ مرة أن فنانا تشكيليا وكاتب أمريكي يُدعي"هولي بريدجز إيليوت ذكر في كتابه" أن ترى الله في وجوه عديدة" ، تجربة حدثت له في يوم عادي للغاية ،كان الوقت ظهرا وقد وقف في مطبخ بيته، يشاهد أطفاله يأكلون سندويشات زبدة الفول السوداني، كان يوميا روتينيا بلا أحداث مميزة ، ووسط تتابع الاحداث العادية، توقف فجأة، ونظر حوله، كأنه يفتح عينيه للمرة الأولى في تلك الظهيرة!. يقول وهو يسرد لنا المشهد ويصف لنا إحساسه ذاك:"كأن الغرفة قد غمرها ضياء وفاضت بحياة نابضة، لدرجة أن بدا لي أن كل الأشياء قد ثبتت عند تلك اللحظة!، لكنها أيضا كانت تنبض مثل موجات ضوء متتابعة، كبر داخلي إحساس بالبهجة، وكان رد فعلي التلقائي، هو شعور بالإمتنان، كان إمتنانا لكل شيء صغير في تلك المساحة التي وقفتُ فيها. بدت لي الحجرة التي ضمتنا معا ، كأنها حضن دافئ، بدا لي الماء المتدفق من الصنبور كأنه معجزة، وبدا أطفالي، للحظة ، أنهم ليسوا مجرد أولادي، واجبي أو مسؤوليتي، لكن كائنات غاية في التفرد والتعقيد، كائنات سيأتي يوما من عمري الآتي أفهم فيه إكتمالهم المدهش".

جميعنا ربما عايشنا تلك اللحظة التي عايشها الكاتب ذاك، ولكن قليلة هي المرات التي تعبرنا فيها بذات الإحساس والشعور نفسه. ليس التأمل في الموجودات ينولد من لحظات مشابهه، وإنما هي عند كل منا تأتي بشكل مختلف، وتنولد في موقف مختلف أيضا. أذكر مرة أنني وقفتُ أتأمل يدي وهي تمتد إلى صحن الفواكه، لا أدري لما تسمرت عيناي فجأة تتأمل يدي ، التي إمتدت بسرعة البرق فور شعوري بالرغبة في قضم فاكهة معينة من ذاك الصحن، فجأة يتوقف مشهد اللحظة، لأشاهده من زاوية أخرى، وبطريقة مختلفة عن كل المرات التي عبرتني فيها سابقا ، فصرتُ أتابع نبض اللحظة بعيدا عن رغبتي تلك، بل صرتُ أتأمل ما إنولد من الشعور بالرغبة وأتتبع تكوينها إلى لحظة إكتمالها، بدت لي يدي أيضا أنها آلة معقدة التكوين ، أو جندي يتبع سير قائده"العقل" فور إرسال إشارات إليه بأن ثمة رغبة تكمن في الجسد المحتوي لهم ، إلى قضم تلك الفاكهة دون غيرها، ثم يأتي دور الفم واللسان والأسنان، وتتهيأ المعدة لإستقبال تلك الفاكهة، من أجل قضم فاكهة واحدة، تعمل عدة أجهزة فينا بمنتهى الدقة، فكنتُ اردد سبحان الله، كيف أن الإنسان بالغ الضعف، وأنه غاية في الدقة أيضا، كما كان الكاتب إيليوت يرى أبناءه، كنتُ أتساءل : ماذا لو أن أحد تلك الأجندة تعطل أو أصابه العطب فجأة؟ هل ستكتمل اللحظة كيفما رسم لها العقل؟!.
لحظات التأمل على القدر الذي تُريحنا فيه، حين تبعدنا عن واقع منغمس في حركات لا تهدأ، فإنها أيضا تجعلنا نكتشف أمورا كنا قد غفلنا عنها سابقا، نخرج منها بأنوار روحية وربانية غريبة، تجعلنا أكثر يقينا أن خلف هذا الكون مُبدع تجلت قدرته في كل شيء.

عُلا الشكيلي
سبق نشر المقال مؤخرا بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة2\9\2009

الأربعاء، 26 أغسطس 2009

تدرع حُسن الخُلق بالفطنة

تدرع حُسن الخلق، بالفطنة.

كثيرا ما نُخطئ في حق أنفسنا من حيثُ لا ندري، بل أننا نُخطئ لفرط ما نريد الصلاح.
أحيانا نخطئ حين نوغل في المثالية أثناء تعاملاتنا اليومية مع من حولنا، وأحيانا نُخطئ حين نُصر على أن نقرأ الآخرين من زاوية فكرنا، فترانا دائما ننظر لهم بعين طباعنا، لذلك نضع أحيانا ثقتنا فيمن لا يستحق الثقة.

نُخطئ أحيانا حين نظن ان التواضع يجب أن يكون السمة الأساسية في جل تعاملاتنا مع الآخر، وليس التواضع ما يجعلنا نُخطئ، فالتواضع صفة أجلها الله، ورفع من شأنها ، ولكن الطريقة التي نقرأ بها حقيقة تواضعنا بين يدي الآخر هي ما تجعلنا في دائرة الإتهام، وأننا نرتكب حماقة في حق أنفسنا.

قرأتُ مرة إعتراف لأحد الكتاب يقول فيه:"علمتني الحياة، أن لا أتواضع لمن لا يستحق التواضع"!
ساعتها لم أكن قد وعيتُ الكثير مما وقع في وعي ذلك الكاتب، لذلك وجدتني أُعيب تصريحه ذاك في داخلي، وأقول، هو حتما يجهل قيمة التواضع.
إلا أنني وبمرور الوقت ونضج الوعي فيني ، أدركتُ السبب الذي جعله يُصرح بذلك الكلام علنا، ودونما خوف بأن يُفهم كلامه خطأ.

ليست كل القلوب بعرف خُلق واحد، ولا كلها تُدرك الحقائق الكامنة في حقيقة النوايا الماكنة فينا كمشاعر جميلة لا تتوقف عن التدفق.
هناك أشخاص لفرط تعجرفهم لا ينفع معهم خلق التواضع، ولا ينبغي لعزيز النفس ان يتواضع لمتغطرس جاهل، لأن إظهار خُلق التواضع للمتعجرفين، وأولئك أصحاب المشاعر الغبية، إنما هو جهل و إذلال للنفس، وما ينبغي أن تُذل نفس مؤمن لمن لا خُلق له. ولعمري ليس بأشد على نفس المؤمن ، من أن تُذل أمام قلوب وضيعة، لا تفقه شيئا من رقي الأخلاق ولا نُبلها.

تماما كما هو الحال مع الطيبة، التي تعرش في الكثيرين من أصحاب القلوب البيضاء، والتي بسببها تجدهم يثقون في كل من حولهم ثقة عمياء، قد توقعهم في المهالك.
قد يقول قائل، ان سذاجتهم هي التي اوقعتهم وليست طيبتهم،
ذلك صحيح، لذلك فالطيبة لا يجب ان تكون مفرطة، كي لا تتحول إلى سذاجة، توقع صاحبها في جُب المهالك.
قد لا ندرك كل ذلك، إلا بعد جم من التجارب الحياتية ، والتي توجب علينا معاشرة الكثير من أصناف البشر، لمعرفة طبيعة النفس البشرية والتي لا يمكن أن نستقرأها من مجرد تعاملات سطحية.
غير أن التعامل السطحي، نحتاجه لدرء الكثيرمن المطبات التي قد نقع فيها حين تعاملاتنا مع أصحاب القلوب الضعيفة والنفوس الموغلة في الاحقاد والآثام.

همسة:
التواضع لا يعني الخنوع، كما أن الطيبة لا تمنع التدرع بالحذر حين تواصلنا مع الآخر.

عُلا الشكيلي.
سبق نش المقال في ملحق آفاق الثقافي التابع لجردية الشبيبة

الأربعاء، 19 أغسطس 2009

الكتابة بالعامية

الكتابة بالعامية

لغتنا العربية عامرة بالكثير من المفردات الجميلة، وهو ما يميزها ربما.
كونها تُمكننا من إستخدامات شتى للمفردة الواحدة، وتمكننا كذلك من إختيار المفردة الجميلة والمحببة، ذات الطابع الأدبي أحيانا، أو كتابة الكلمة كيفما هي متعارف عليها في قواميس اللغة، كي تكون سهلة لدى عامة القراء.

بأي هيئة تأتي بها المفردة في لغتنا العربية، فإنها بلا شك ستبدو جميلة، مادامت تأتي بثوبها الحقيقي، وبمعناها المتعارف عليه، وقد تبدو أجمل لدى الأدباء ومتذوقي اللغة، إذا ما أتت صعبة المراس، متعمقة المعنى ، مغمورة بالجمال الأدبي.
مع ذلك فهناك بعض المقالات التي تأخذ الطابع الشعبي أثناء الكتابة، بما تُسمى بالمقالات الشعبية ، والتي تاخذ لها أعمدة جميلة في بعض الصحف.

وفي بعض الأعمال الأدبية، كالرواية مثلا، تتداخل المفردات العامية ، التي تعطي بعض الخصوصية والجمال للعمل الأبي ، كون أن بعض الحوارات بين شخوص الرواية لابد وان ياتي بطابع عامي بحت، تُقرب القارئ من شخوص وأحداث الرواية اكثر وتشعره بخصوصيتها اكثر، وبذلك يقترب المعنى إلى ذهن القارئ.

إلا أن البعض أحيانا و بشيء من الجهل في معنى المفردة، يعمد إلى حشر كلمة عامية في نص كُتب بلغة أدبية بحتة، ولا يفطن إلى أن قواميس العامية لا تتوافق احيانا مع مفردات اللغة الأم. مما يتسبب في خلل واضح بالنص الأدبي.

فمما لا شك فيه، ان الفرق شاسع بين أن يُكتب مقال بلغة شعبية ، وبين أن تُحشر كلمة عامية دخيلة على نص أدبي ، فالمقال ذو الطابع الشعبي يأتي باللغة الشعبية منذ بدايته إلى نهايته، فيكون بذلك جميلا راقيا بجمال ووضوح المسار الذي كُتب به. أما النص الادبي فهو بلاشك بحاجة إلى أن يكون بفس المسار الادبي الذي كُتب به منذ البداية ، كي لا يختل توازنه او مساره الادبي.

قرأتُ مرة في صفحة ثقافية بأحد الجرائد، نص أدبي بحت، ادرج كاتبه مصطلح "طلعتُ من الغرفة" يريد منه " "خرجتُ من الغرفة "!
إلا أن معنى كلمة "طلعت" في قواميس اللغة جميعها ،هو "أشرقت" أو "ظهرت"

فكيف ستعبر تلك الكلمة العامية إلى ذهن القارئ بسهول؟! و النص كان من بدايته إلى نهايته ، أدبي بحت، كتب بلغة أدبية، ثم تأتي تلك الكلمة لتكون كالنكتة السوداء في قلب البياض!
صحيح ان سياق الكلام سيظهر للقارئ المقصد الحقيقي من الكلمة، و لكن
تداخل تلك الكلمة العامية وحشرها حشرا بين كلمات النص ذو الطابع الأدبي، بلا شك ستعمل على الإخلال بجمالية النص ، وتفقده مساره الأدبي، فيفقد الكثير من روعته بفعل تلك الكلمة التي لا ندري من أين جاء بها الكاتب ؟! ولا بأي ذريعة؟
عُلا الشكيلي
سبق نشر المقال في ملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الأربعاء، 12 أغسطس 2009

الأقنعة بين التجمل ، وسفور التملق

الأقنعة ، بين التجمل، وسفور التملق.

التجمل مع الناس، يسلك طريقين،
إما تجمل من أجل بث روح الجمال،
في النفس البشرية،وغرس إبتسامة مودة بين القلوب
المتلاقية ذات تجمع ، يرسل الكثير من إشارات الحب والمودة ،
ووأد البغضاء، وأنتكاستها، كي لا تقوم لها قائمة ، بعد ذلك.
وإما تجمل قبيح ، يهدف صاحبه إلى إخفاء حقيقته عن الآخر
بالكامل، فيتلبس ثوب النفاق ،وتظهر شخصية سافرة بالتملق البغيض.

كنت دائما، لا أحب مستحضرات التجميل، التي تغطي
ملامح الوجه بالكامل، إنما أعشق تلك اللمسات البسيطة
التي تعمل على إخفاء بعض العيوب، وإبراز الجمال
في تقاطيع الروح بشكل غير مبالغ فيه، فالجمال
دائما في البساطة، وإظهار حقيقة ملامحنا
كيفما هي، مقتنعة أنا بذلك تماما.

ولكن في أحايين كثيرة قد يطمح البعض إلى الحياد
عن قناعاته تلك، والعمل بعكسها، ليس بهدف
تغييرها، وإنما من باب التجربة. ليزداد تأصلا بقناعاته.

في أحد المناسبات ، الإجتماعية، قررتُ أن أجرب
التحول عن ملامحي، فتركت فرشاة المزينة
تعبث بألوانها على صفحة ، وجهي"روحي".

كنتُ أراقبها وهي تضع اللمسات الأولى ،
أحسستُ بأنني بدأتُ بالتحول، وأن ملامحي بدأت بالطمس فجأة،
بفعل فرشاة تغتالني بحركاتها ، لتظهر ملامح أخرى لا تشبهني أبدا.
أحسستُ بالغربة، ترواد ملامح وجهي عن نفسها،
كنتُ سأصرخ بها أن توقفي، ولكن من باب حب
التجربة تركت لفرشاتها مواصلة الرسم على صفحة وجهي.

حين إنتهت المزينة، نظرتُ إلى نفسي في المرآة،
شعرتُ بإغترابي عن ملامحي ، وببعدها عن طبيعتي
وبساطتي، ولكني إبتسمت، وأوهمت نفسي ان التجمع ذاك
قد أحتاج فيه لبعض الرتوش على ملامح روحي، حتى
وإن إضطررتُ إلى إغتصاب إبتسامة عنوة من بين شفتاي،
وإرغام لساني على الخوض مع الخائضين، والتملق والتملص
من كراهيتي لبعض الأمور التي يغلفها الرياء.

وفي كل مرة أنظر فيها إلى مرآة الواقع، أقترب منها،
لأقرأ تفاصيل روحي وأسمعها عن قرب، كنتُ أشعر أن
ملامحي تصرخ، مختنقة،فأتجاهل صراخها، وامضي ،
بلا إكتراث،لضجيجها المتبعثر داخلي.

المكان، مكتض بالحضور، ولابد أن اكون الأكثر لباقة ،
الأكثر جاذبية، ، او من ضمن الذين يلفتون الأنظار
حولهم لجمال أقنعتهم التي يتوشحون بها ، كل حين،
ولو كان حضور يغلفه الرياء ، ويسكنه التلمق، حضور يبدو جميلا ، و
لكنه يخفي الكثير من القبح وراءه، كونه لا يأتي إلا على بساط الكذب ،
حين الإبتسام وحين الكلام.

رحتُ أتنقل بين الحضور، موزعة إبتساماتي هنا وهناك،
في كل إبتسامة، أشعر بوزر كذبة يلاحقني إثمها، بها وشاية الرياء،
وطمس معالم الحقيقة، بكامل بساطتها.

كنتُ بين الفينة والأخرى، أتخذ لي زاوية لا تعبرها نظرات الحضور،
أسترق فيها النظر إليَ، أفتش عن ذاتي المغمورة بعيدا خلف قناع ،
أتى به ثوب اللحظة، وسيذهب بعد خلعي لها، أو خلعها لي!

أنا جديدة، بملامح غريبة، قبيحة، برغم جمالها الظاهر،
إلا أنها قبيحة بإغترابها عني، عن بساطتي.
كنتُ أفكر فيمن يعشقون التحول عن ملامحهم،
والإبتعاد عن حقيقتهم، أولئك الذين يتفننون في وضع الاقنعة،
كيف لملامحهم كل تلك المقدرة على التخفي خلف الأقنعة تلك،
دون أن تطالها شمس الحقيقة أبدا ، ولا أن تتنفس طبيعهتا التي جبلها الله عليها؟!

لابد وأن ملامح شخصياتهم الحقيقية إختنقت،
بفعل تلك الطقوس اليومية، التي تقرضها عوامل تعرية كاملة ،
لكل الجمال بداخلها، حتى تمسي مقفرة إلا من الرياء .
حتى اصبحوا كل يوم بل كل لحظة بقناع جديد، ذلك
لأن الأقنعة بطبيعتها لا تدوم طويلا بل سرعان ما
تذوبها الحقيقة، وتذوي تحت شمسها الحارقة،
فيسارعون لإستبدالها كل لحظة، والمحزن
بل والمؤلم انهم لن يستطيعوا الرجوع إلى ذواتهم
إلا بعد عناء شديد، وربما لن يستطيعوا الرجوع إليها أبدا.

أتساءل بين الفترة والأخرى: هل تبدو الروح
جميلة حين ترتدي ثوبا ليس ثوبها؟!
هل تبدو المشاعر حقيقيةحين تغترب عن ذاتها ؟!

هل نبدو حقيقين حين نطمس ملامح أرواحنا،
ونغتال البساطة والجمال بداخلنا؟!

بعد تجربتي الأولى، قررتُ أن تكون الأخيرة، فأنا أعشقني
ببساطتي، لن أخنق مسامات ملامحي مجددا، لأجل أن
أظهر بوجه آخر، بقناع لا يشبه روحي ولن يشبهها.

همسة: المُنافق والرائي ، كالباني على رمل ، اضاع عمله !

ملاحظة\المقال نُشر في آفاق الشبيبة الأربعاء 12\8\2009

إلى الأيادي البيضاء ترحل همسات حروفي

إلى الأيادي البيضاء، ترحل همسات حروفي

مطاردات خافتة الضوء، مشحونة بالضوضاء، مسكونة بالصخب الأرعن،
تلعق الظلام ، تحبسه في حلقوم أيبسه الصراخ المتتالي، وعويل ، من جوف حرف يأتي، بلا نكهة، وبلا لون، وبلا هيئة حتى!

أوجاع الشارع الوظيفي، مكتضة بآلاف العاطلين عن العمل، أؤلئك المعطوبة أحلامهم، وكأنها مرت عليها نارا موقدة، ذات غفوة من القدر، فأصبحت كعصف مأكول، لا دراية له بحلم، ولا نهش لمخالبه –على حدتها- لوليمة مُلقاة على رصيف الأحلام ذات شبع لأصحابها.

هو صخب الحياة المتلاحق ضجيجه، بلا توقف، حين يتكاثر العطب على جانبي الحياة، ولا يعود للحياة شريان تجري بداخله، آلة العيش الحر.
لا ندري للظلالة سببا، فهناك دياجير عدة ، تلاحقت بعضها ببعض ، وتلاحمت أطرافها ، لتسكب في النبض كرسترولا ، يعيق الحركة ، ويشل الكفاءات، فتعود حاجتنا للملمة جراح الحاجة ، أشد حاجة من ذي قبل!

وحين يكون ذاك حال (الإتساخ) الكوني ، مرادفا لـــ(لإتساع) على مرافئ البشرية، يجد (الإنفساخ )الاخلاقي، طريقا معبدة ، يعبرها بهدوء وبلا وشوشات، وبلا إعتراضات من اصحاب الحرف الحر، او المنبر الحر، وبلا حتى تصادمات، مع النوايا الحسنة، او المبادئ التي تئن بوجع في الضمائر، لتنزاح من الضمائر –بإرغام من كل تلك الخيبات- لتسكن حواف الكتب و...فقط!

إنها لعنة الغوايات ،في عالم ، لا يقدس إلا الجيوب المنتفخة، يزرع بذرة الإجرام في رحم الأخلاق ، وينتشر كالهشيم في شوارع النوايا الحسنة.

وميض رسالة ، ذات حرف حر، تستنطق العطف، في القلوب الرحيمة، وتطالب أصحاب العقارات، والشركات، والقطاعات الخاصة، بإقتطاعة مال من موردها الثمين، لتسهم به في بناء الفكر، وبناء الوطن، وحماية الشباب من وحش الضياع الكاسر، وجحيم غواية الحاجة، كي لا نضطر لاحقا إلى ملاحقة الإجرام، وإستزاف أموالا طائلة، على التخريبات ، والإعتداءات الأخلاقية، على ممتلكاتكم ، وممتلكات الدولة، بحجة الحاجة، ووقع ألم الفقر، في المعدة وفي البيوت التي يتربص بها الإجرام في ثوب حقد، على من يعرشون البنوك.

فلتمدوا أياديكم ،للإستثمار ولتبسطوها في أريحية تامة، لتنتشلوا من يوشك على الغرق منهم، ولتهدوا ذويهم إبتسامة، ترتفع على إثرها الكفوف إلى السماء ، في دعوات دامعة ، بأن يبارك خطاكم الرب، ويبارك لكم ما تعرشون، وما تجمعون ، وما تزرعونه من حب على مرافئ العطاء اللامحدود ، كــ رد جميل لهذا البلد الغالي ، الذي بلا شك، اعطاكم الكثير.

"وما تقدموا لأنفسكم من خير يوف إليكم وأنتم لا تُظلمون"

عُلا الشكيلي
سبق نش المقال في ملح آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافة ، باب مشرعة ناحية صناعة الحضارة، وتأشيرة الدخول لمصنع الحضارات،هي حتما لا تأتي بها المصادفات، إنما البناء المعتد من اي شعب، هو ما يزجي به ناحية رقي حضارة ، أو ضمورها.

البناء ذاك، لابد ان يكون من بين ادواته ومعداته، الثقافة بجميع جذورها وهيئاتها، وأشدد على الجذور هنا لأن الجذر هو ما يصنع قوة القمة، او يعمد إلى تراخيها، وهو أيضا ما يعطي نكهتها وتميزها لدى الآخر، وتكون متفردة، بتلك النكهة ، ومتميزة بها، حين تجتمع ثمار تلك الثقافات ، على مائدة الحوار، ونسيج يحسب لها، حين يُحاك ثوب عولمة الثقافات.فتظل هويتها موجودة مُعلنة عن ذاتها للمارين من أروقة التاريخ، بحضاراته المتعددة.

الشعب الذي يعمد إلى تكريس تلك المفاهيم ، برغبة الإنفتاح والغرف من الثقافات والحضارات الأخرى ، لابد له أن يعمد إلى تعلم مفاهيم لغة الآخر وثقافته ، من أجل أن يعد نفسه إعدادا جيدا لأي حوار ثقافي فكري مع أي حضارة ، كي لا يضيع وسط المعمة وبالتالي تندثر حضارته.

اما حين تتلبد غيوم الفكر بالإنعزاية الثقافية، ولا تنفتح ثقافة شعب بالثقافات الأخرى، فإنه لن يقوى إلا على السير بعكازات الخوف، من أن يفقد هيبة وجوده وحضارته أمام حضارة ووجود شعوب آخرى، لم يتوغل إلى أعماق القوة الحضارية بها،وبالتالي هو أمام خصم لا يعي من أمره شيئا، وحين ذاك لن يكون هناك حوارا بينه وبين أي ثقافة، او حضارة اخرى، وكيف يكون حوار بين حضارتين والأبجدية بينها مبهمة وغير مفهومة. ولا من تواصل فكري او ثقافي بينهما !!
بوجود تلك الإشكالية، بين أي حضارتين، ينولد الصراع بينهما بلا شك.

الصراع ، تكون نتيجته في العادة، غالب ومغلوب، وثقافة الأحادية التي تنزوي في ظل الوحدة،والإنغلاق الحضاري ، لابد وأن تكون هشة ضعيفة، أو هكذا يقول المنطق.

وحين ذاك، يكون الشعب أمام منزلقين .
إما ان يصعر خده، ويذوب في أي حضارة أو ثقافة أخرى، حتى تطمس هويته بالكامل أو تكاد، وإما أن يظل يقاوم حتى توشك جميع أطرافه على العطب ، فلا يخرج من ذلك الصراع –الغير متكافئ – إلا على
كفن العزلة، ومنها إلى مقبرة التاريخ ربما.

آخر الهمس:

الإنفتاح على فكر الآخر وثقافته ، هو ما يجعلنا نتقن لعبة الصراع الخفي، بتذاكي شديد، الذي هو متكأ بالغ القوة، لإتقان فن الحوار بين أي ثقافتين لاحقا.

لذلك نجد ان أباسلة التاريخ، وقائدوه ، كانوا حريصون فيما مضى على منهج الإنفتاح ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

عُلا الشكيلي



سبق نشرالمقال مؤخرا بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الأربعاء، 29 يوليو 2009

أرق ، شهوة الكتابة

شيئا ما كان يدور حول خلايا أدمغتي أجراس يؤرقني رنينها،
والعجيب أنها لا تأتي إلا وقت نومي،
توقظ فيني شهوة جامحة للكتابة، تجبرني
على ترك وسادتي، والتسمر خلف جهازي المحمول!

كم يربكني كل ذلك، كيف لي بمقاومة شهوة
الكتابة تلك؟! وكيف لي بإقتناص تلك الأفكار التي
تراودني عن نفسها كل حين، هي لا تأتي إلا حين
تكون روحي مغيبة، في شبه إغماءة قدرية!
ربما لأنها تدرك ان الروح التي تستيقظ بنصف إغماءة،
لا يمكنها أن تطارد خيالا كأفكاري تلك!

لذلك كانت تنام بقربي، تشاكسني بأحاديثها التي لا تنتهي،
وحين استيقظ للإنقضاض عليها،اجدها قد لاذت بالفرار!
أمتلئ سخطا عليها، وأعصب رأسي بقوة، كي امنعها
من معاودة المجيء والعبث بخلايا أدمغتي مجددا،
همستُ، كمن يستعطفها:"إن موعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟!

تُصر هي بزن طويل على رأسي:
"لليل حكايات مختلفة ، لا تشبه حكايات النهار " ،

- أدرك ذلك، وأدرك أيضا ان الحلم بين زواياه لم يأتي عبثا،
بل هو صورة مواربة لحقيقة اطماعنا ونوايانا ، كما ادرك
أنك تنتعلين الخبث ، وتحثين الخطى إلى دواخلي، ربما
لتشاكسين روحي، وربما لتعبثين بخلايا فكري، وربما
لتجعلينني اتصبب عرقا من غواياتك المتكررة ،
للمارسة شهوة السطو على سطح ورقة!

ليس لدي من الحبر الآن ما يساعدني على غواية ورقة،
من أن اجل أن تفرد لي نفسها ، لأمارس على حوافها
تراشق الافكار، وبعثرة الحروف،لذلك أنصحكِ بالإبتعاد ،
ومعاودة المجئ صباحا، ففي الصباح كل حواف الورق
شديدة الإنبساط ، وكل محبرة هي على إستعداد تام للممارسة
الرقص فوق حواف ورقة كنوتة موسيقية بالغة الدقة.

-ربما، ولكن الحلم لا يأتي نهارا، إنه رذاذ فكر لا يمكنه الصمود
في عين الصبح الفاضحة، خشية الإفتتان بسخرية الواقع،
التي حتما سترغمه على الإنصهار فوق رصيفها الحارق.

هناك حكايات لا يمكن للنهار ان يرينا أطيافها الضوئية ،
لانها ستتلاشى حتما في وهج النهار، ولن نتمكن من
سماع همساتها الخافتة، بسبب الضجيج المتوشح
بالأصوات المختلفة المتصاعدة في سماوات العبث البشري.

يالا حيلك التي لا تنتهي!
أُدرك تماما أن للعقل البشري عينا ثالثة، لا تشبه
تلك المزروعتان على جانبي القدر، مهمتها التلصص
على ما وراء حكايات القدر المبعثرة على رصيف أعمارنا ،
هي حتما شديدة الحساسية للضوء، لذلك لا تقرأ أبدا ولا تبصر
إلا في عتمة الهدوء، وسكون الليل.

لذلك نجد أكثر المفكرين والمتأملين لا يجدون زاوية أفضل
من عتمة ليل، يسكنون إليها ليقتنصون فلسفتهم في الحياة.


ولكني مغبونة بالتعب الآن، مقهورة به، عيناي ثقيلتان ،
اثقلهما جري النهار ، برمشاته المتكررة على طرفيها،
عاوديني صباحا، الصباح مليئ بالإشراقة التي
ستتكفل حتما بنسج كل تلك الحكايات ، وبسطها على سطح ورقة.

- ظلت تزن على رأسي، أُدرك جيدا أنها لن تتكرني وشأني،
يبدو انه لا مجال لكبح جماح شهوة الكتابة تلك،

لعنت إبليس، وتناهضت بتثاقل شديد... فتحت جهازي
المحمول، وبدأت العزف بطقطقات متلاحقة
على لوحة المفاتيح حتى إنبلاج الصباح.

عُلا الشكيلي

*سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الخميس، 16 يوليو 2009

وقفة، ألعقلك أم لغضبك؟!


كثيرة التأمل هي انا،
كثيرة الإسترسال للمواقف ،
والوقوف على عتبات الفكر.

ماذا يحمل فكر الآخر؟
من أي الزوايا ينطلق؟

لماذا نتقيد بأمور لا تغني
ولا تسمن للعقل ولا لعنوان الحضارة شيئا؟

&&&

ما هي المشكلة الفعلية التي تواجهنا
حينما نكون بمواجهة مشكلة ما؟
أو موقف طاريء
أو حادثة تبعث في نفوسنا شيئا من الإحراج او الإرتباك؟

أنت، وأنتِ
هل تؤمنون بالعقل،
أم تعتمدون الجسد بما يختزنه من عضلات.
لتعامل مع الأحداث أو المصاعب التي هي غالبا ما تكون في قبالتنها
بين أنياب المواقف الحياتية واليومية التي لا تنتهي؟\

سأحدثكم عن موقف،
من عشرات المواقف التي مررت بها ربما.

رجل مفتول العضلات موظف بإحدى الدوائر الحكومية،
التي شاء القدر أن أكون متواجدة بها ذات
صدفة، حين كنتُ أقضي معاملة لي.
أحد الابواب،
غُلق بإحكام،
ويبدو ان بمقبظه خلل،

الموظف المذكور اعلاه،
أمسك بالمقبض، بكل ما أوتي من قوة.
دفعه مرارا ومرارا إلى الخلف.
في محاولة بائسة لفتحه!

تصدع رأسي من كثر محاولاته المملة!
ما هذا التصرف؟!
هل سيفتح الباب بتلك الطريقة؟!
هل يظن ان القوة وحدها قادرة على حل جميع
المشاكل والعقبات التي تواجهنا؟!

كنتُ سأصرخ بوجهه:"كُف عن إزعاجنا أيها العابث"
تقدمت نحوه،
وبهدوء طلبت منه ان يتركني أحاول فتح الباب.


نظر إلي محتقرا جسدي الضئيل.
قرأت ما يدور في خلجات نفسه.
وبين زوايا فكره،


قلتُ مقاطعة أفكاره:"لا بأس أخي،
دعني أحاول فقط، لن تخسر شيئا"


ترك مقبض الباب،
وتراجع للخلف،
وهو يرمق ساعدي الذي لا من عضلات ظاهرة عليه.

بدوري أمسكت مقبض الباب،
وبثقة وبهدوء شديد،جذبتُ المقبض نحوي،
وبحركة هادئة مباغتة،
دفعته ناحية حلقته التي يحتمي بها
ثم بحركة مباغتة
أرسلته للخلف .

فُتح الباب في أقل من نصف دقيقة!

نظرتُ إلي الموظف إياه
قرأتُ علامات التعجب التي
إرتسمت على تقاسيم وجهه.

بدوري مضيتُ بثقة
وتراجعت عائدة إلى حيثُ مقعدي بإنتظار الدور.

&&&

ما رأيكم؟
أليس العقل والحكمة يكمنان في الهدوء؟
أليست القوة أيضا تكمن في التصرف الهادي؟

لهدوء في نظري يجعلنا نسترسل الأفكار.
ونتصرف بحكمة.
لذلك كانت نصيحة النبي الكريم:"لا تغضب ... وكررها ثلاثا"

&&&

كم مرة صادفت مشكلة ما،
إعتمدت الصراخ والعصبية لحلها؟

هل تعذروني إن قلت لكم،
انني ألاحظ الرجل العُماني كثير العصبية،
ويتعامل مع المشكلات بنوع من العنف؟

مهلا،

أراكم الآن مقطبي الجبين.
ألف عقدة ترتسم بين اعينكم و أعلى جبينكم!
وتصرخون :"ما هذا الهراء"؟!

حسنا،
ربما أنا مخطئة،في تصوري
ولم يحدث شيئا من ذلك
ولم ترتسم عشرات العقد بين عينيكم.
ولم تصرخوا أيضا:"ما هذا الهراء"

أخطأتُ إذن ومنكم فقط ألتمس العذر.

ولكن:
ثمة سؤال، ملحة انا على ان تجيبوني عليه،
لماذا يا إبن بلدي تعتمد العصبية
ولا ترقى لفن تعاملك مع مجريات الاحداث من حولك؟!
لماذا لا تزال متمسكا بعباءتك البدوية البالية؟!

&&&


يا رجل شرقي،
أغرتني الروايات حين كانت تَقِصُ عليً
بطولاته،
أين اجدك الآن في زحام الفوضى؟
أجبني أين؟!

عُلا الشكيلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة هامة جدا.
مصطلح "العباءة البدوية" كناية عن
العادات الغليظة التي ليست من الدين في شيء.

الاثنين، 4 مايو 2009

حُمى الصمت ، حكاية أمة

حُمى الصمت!... حكاية أمة

مدخل

نزف نزف.. نزف يا إبن عمي،
نزف ينحل جسد الكرامة يا إبن خالي،

يا إبن أبي،
الهم يخنقني،
والوجع يفنيني،

يا إبن أبي،
أين دم العربي رحل؟!
أين سمات النخوة في النبض ؟!

يا جاري،
أين جذوري؟!

يا جاري،
قد كثر شجوني،
::



::
::

أصل الحكاية

يجتاح الجسد العربي حمى شتوية شديدة،
تصتك على إثرها أسنانه، وترتعد عظامه،
ولا يزاال شاردا مختبئا خلف وريقات أشجار التوت، لتغطي عورته، وتفضح سؤته،
ولمدارت حقائق الأمور، ... لعبة تستهوي الكثرة الكثير، مِنْ مَنْ ،
يحتمون خلف حاجب ووزير،
وسلطة ودولة، وممكلة وجمهورية، والكثير الكثير، مما خلفته
خلافة عهد مضى، كان المجد له عنوان،
والعز مكان، والزمان تتزين لغته بجميل البيان،

اليوم، وبعد طول تراخي للسواعد السمراء، وبعد رحيل النخوة
وإنكماشها في مستودع الـ"أنا"
وشهوة للمال ، وللمنصب، وتلاعب الترجمان بلغة الضاد.
وحدهم العرب من زرعوا العسكر والعسعس ، وألف أمير أجير، بين
ردهات دجلة والفرات ،وغزة وعكا وصيدا.
أمير، يروي ضمأ بلاط ديوانه العطش بدماء الشهداء، ودموع الثكالى، والمحرومين!!
شهوة المنصب،
وشهوة الدم، كلاهما أتت في ركب الاخرى،
يمتطي أصحابها، بغال الخطابات العقيمة،
والوعود العرقوبية، وألف عقدة بين حواجبهم المعقودة
بخوف من أن يفقدوا رضى الدول
الـ (الكوبيرا ) فيفقدوا السم الهاري الذي يغذوا منه
شهوتهم الشرهه لنزف المزيد من الدماء!!

قصور بمجون، وأطفال في الطرقات جوعى، وعذراء بين أنياب الذئاب،
ومرقص عامر قرب مسجد مهجور، وألف صيحة غواية، وضياع وتشتت ومجاعة،

ولا زال الصمت يؤد الحروف بين أطراف اللسان،
ولازالت الدول( الكوبيرا) تدثر المعتصمين خلف اسوار حصونهم ،
بإبتسامة صفراء، وكلام ينسل كالسيف،
جميل بحلو البيان. ينسل من اللسان ، ليدس السم في الشهد.
وتضطرم النيران بمزيد من الحطب ( الخُطب.)!!!

وإشرأبت الأمكنة، ونزحت بيروت عن قلب دمشق،
ورحل الحب بينهما بوادي غير ذي زرع إلا من سلال شوكـ ولعنات وإتهامات!!
نُزِعَ الحُبُ، وزُرِعَ الشكـ ( الشوكـ)،وتلوح بذور الفرقى بين موائد الحوار،
ومن تحت الطاولة تُهَرّبُ الإتهامات ، ويلوكـُ كذبة بين الشتات
لمزيد من الإنقسام والغواية وغوغائية الفكر الأرعن تُعلن ..
:"سوريا تخطط لإحتلال بيروت،!!
ما لهم كيف يحكمون،وبأي عقل يفكرون؟!
وينتهي الحوار، بمزيد من الفرقى والإنقسام،
وميشلات ، ويسار ويمين، .
والبيت الأبيض يتقاسم مع الحلفاء كعكة الشرق الشهية،
بــ زبيبها الأسود الثمين،
وإغراء ووعود، بشرق أوسطي جديد،
شرق أوسط جديد يا عرب،
شرق سُحبت دماؤه الأصيلة، وأُستبدلت،
بدماء لوثت بالأطماع والكراهية والرذيلة.







مخرج

تصعد الأنفاس، وتغور،
لم يعد للمكان هنا ذنوب،
كل المواجع ترقص بين الضلوع،

قف يا إبن أبي، قف وشمر عن ساعديكـ ،
فلنا هناكـ خلف التلال مصير،

هلم يا إبن عمي، فالجو مكتئب حزين،
لماذا تركن يا إبن الخال على زاوية خجلى،
لماذا أراكـ كئيب؟!

قم يا جاري ،
قم وتأهب ،
فالموت قريب.

هلموا، فهناكـ خلف التلال ينتظرنا مصير،
ترقص الحناجر على حديه،
وبأي حد ترانا نطير،؟!
::

كان الذنب يلبس رداء من خجل،
ويصمت في آألم،
واليومَ.....
ذنوبهم غانية، مرقص، كأس من نبيذ،
كل المعاصي أشرعت أبوابها،
وإحتوانا سبات طويل،
حمى الصمت ،
تواري عقولنا يا عرب
تحت غطاء جمجمة هزيل.


من أوجاعي،
عُلا الشكيلي