الأحد، 20 سبتمبر 2009

رد على مُدونة "نور اللا دين" 3 ومعذرة للأحبة .

سأستمع إلى نصيحتكم أيها الأحبة، وأتكلم بعيدا عن السخرية، ووالله ليس طبعي ساخرا بالعكس، ولكن ربما لأنني شعرتُ ان ثمة روحا فُكاهية يتمتع بها الأخ ، فأردتُ ان أسير على خُطى حروفه.

المهم:
هُنا سأتكلم بأسلوب آخر، وبقناعة أُخرى، وبالمناسبة انا لا يعنيني الشيخ الفلاني ولا العلاني ، حين حديث كهذا، ولا كنتُ يوما مُتعصبة لمذهب، بل أكره المذاهب التي فرقت الناس شيعا، وأحزابا، ولو أن الحديث يقول أن إختلاف المذاهب رحمة بأمة محمد،
عُموما ، أنا هُنا لأرد كلاما عن دين يتلبسه عقلي تصديقا، ويقينا ولستُ أتبعه تباعيتي لأحد عُلماءه، إنما أتبعه لأنني أتيقن حقيقته. أنا أكره الإنقياد، وأحث الخُطى خلف كل فكر، واناقش وأُجادل ، لا لأهزم غريمي ، ولكن لأصل معه لشعاع من فكر ، قد يهتدي به كلانا.

سألني أحدهم: عُلا ، مالكِ ومال هذه الأمور؟! أبعدي نفسك عن مثل تلك المُهاترات الفكرية، قُلت، لم أُخلق لآكل وأشرب وأنام وأتزوج وأنجب فقط ، منحني الله العقل ، لأسير خلفه ، وأتكلم ببصمته، وهذا طبعي ،

بالرغم من أنني فتاة عصرية، لأنني لا أرى في الدين تشدد، بل"هذا الدين يُسر، ولن يشاد الدين احدا إلا غلبه، يسروا ولا تعسروا ، بشروا ولا تُنفروا.

ربما ما ولًد كل تلك المُفارقات الفكرية، وجعل البعض يخرج عن مسار التفكير الصحيح، هو عدم إمتثال البعض للحديث الذي ذكرته آنفا، ولا لمبدأ "إدعو إلى طريق ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن" لذلك خسر الكثير من إنساق خلف رأي مُتعصب لا لين فيه .

الشباب ، ومثل أخونا المُدون الذي أقصده هُنا صاحب مُدونة "نور اللادين" أجزم أنه يسكنه نور الدين ، ونور الوجود، ولكني على يقين أيضا أن نوره بهت بداخله بسبب غوغائية فكر ، تربصت به، وتشددت ، وخنقت فكرا داخله ، وأسكنت نبضا بخافقه، لذلك ذهب يطرق الزجاجة طرقا، لإحساسه بالإختناق ، ولضيق صدره، وأمثاله كُثر، للأسف،

الدين دين يُسر ، لا دين تشدد وتعصب، دين حُب لا دين كراهية، دين فكر ونقاش لا دين تبعية، لأننا إن كُنا مُجرد أتباع ، فإننا بلا شك لن نستطيع تكملة المسير، إلا جرا بالحبال أو ضربا بالعصي، ونحن لا يُسيرنا فلان من الناس ، بل "هي المشورة والرأي" مثلما قالها يوما رسول الله لأحد الصحابة.

ما أثار حُنقي ، أن أقرأ كلاما غير منطقي، يكتبه أحدهم ، بينما تشي حروفه بنور يسكنها تُحاول طمسه،
وكلاامي بالأخير مُجرد سرد لما يدور في فكري، وليس غير ذلك. أي أنني أُخرج ما في جُعبتي فقط، لأتكلم عن قناعاتي ، وذلك حق شرعي وإنساني لي، لا يستطيع أحدا أن يُجادلني فيه، من باب حرية الفكر، ولكن يستطيع أحدا أن يلومني عليه، من باب النصيحة، وأشكر كل من نصحني بالبعد والإبتعاد عن الخوض في أمور دينية عقائدية، ولكني كما قُلتُ لكم ، أفكر بصوت مسموع ، أرفض الإنقياد ، أعشق النقاش الذي يحفز عقلي على إستنباط أفكارا قد تكون مُغيبة لدى طرفي الحوار.

أعود للمناقشة، في المدونة المذكورة، لأقول صاحبها، أن الإسلام شيئ، والمسلمون شيئا آخر، أي لا تقيس بمقياس فكر رجل مُسلم، ولكن قيس بالإسلام نفسه، وأخبرك ان تعاليم الإسلام الحق ، لا يمكن لبشر أن يتلبسها جميعها، أو يجعلها نبراسا له، لأن النفس البشرية بالأخير هي مليئة بالدنايا من الأمور، عوضا عن الخبائث الملموسة ، فبلا شك هُناك خبائث معنوية مخفية أيضا، ولكن من باب الستر "لذلك جاء الحديث :"كُل أُمتي مُعافى إلا المُجاهرون" لأنه علم أن الناس مهما بلغ بهم التدين ، فإن ثمة خلل لابد وان يكون ، لذلك أمر بالستر.

ولأنك تنفي بوجود الله بالأساس ، فإن أي حقية أصوغها لك الآن من المرئيات من الأمور، فإنك ستضحك منها ، بإمكاني أن أستمع إلى قهقهتك بوضوح حين عبورك هذه الأسطر، ولا ألومك ، كما أنك لن تلومني لأنني ضحكت آنفا حين عبرتُ حرفك، لأن كلانا لا يفهم لُغة الآخر الفكرية، فيضيع كلانا وسط المعمعة العقائدية، والفلسفية.

خلاصة ما أود قوله لك:
الإسلام لم يمنع السعادة عن أتباعه ، ولم يقول لهم إشقوا في الدُنيا لتسعدوا في الآخرة، كما زعمت أنت بل قال:"ولا تنسى نصيبك من الذُنيا" ، و "هي للذين آمنوا خالصة إلى يوم القيامة"

ما شقي الإنسان إلا بجهله، وإتكاله وتواكله ، وتركه للمسببات والجري وراء الخرافات،
والغرب إن لم يكونوا مُسلمين فقد سعدوا بعملهم في الدُنيا، حين فعلوا الخيرات، وتواصوا بالخير الذي لم يتواصى به بنو الإسلام المُعاصرين للأسف، وتحروا الصدق ، وأخذوا تعاليم الإسلام بحذافيرها ، وإنسلخوا من عقائديته، بينما اغلب المُسلمين ، فعلوا العكس تماما ، فتوشحوا برداء الإسلام كرداء فقط ، وتركوه يقينا ، ولم يمتثلوا بأمواره ، فضاع من شأنهم ما ضاع ، وكان فيهم الفقير والجاهل والمريض والسقيم، لأن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم،
ولان الإسلام والإيمان والعمل الصالح هو بذور للآخرة ، فقد ترك الله ذلك لهم ، ليجزيهم عنه في الآخرة ، كما وعد،
ولكن من ينسى نصيبه من الدُنيا فقد ظلم نفسه بيده، فكيف تُيرد أن يستقيم حال عبد ، فرط في العلم حتى لو كان مُسلما ؟!
الغرب كما قلت لك ، في أنفسهم خير كثير، جازاهم الله بما فعلوا من خير وبما طمحوا إليه من علم في الدُنيا ، لانهم لا جزاء لهم في الآخرة "من كان منهم مُشركا" فمن العدالة إذن ان يكون الجزاء في الدُنيا ، وإن كان جزاءا مؤقتا ، ولكنه يرضيهم.

ومرة أُخرى أقول لك: الدين الذي يقول لأتباعه"تبسمك في وجه أخيك صدقة" لا يُمكن ان يدعوا أصحابه إلى أن يكونوا تُعساء ليسعدوا في الآخرة، ذلك كلام جهله مردود عليهم،

وأما قولك بأنك ترى السعادة في الحرية التامية في الشرب والجنس وخلافه ، فأقول لك ، أنت مخلوق كرمه الله، وتلك التي ذكرت إنما هي حياة الانعام ، فهي التي تبيح لنفسها كل طقوس العيش بغوغائية الشهوات، ومُقتضياتها لأنه لا عقل لها أصلا لتستعين به في توجيه حياتها، فهي وِجدت في الحياة عبثا، فهل وِجدت انت في الحياة عبثا؟!!

إنتهى كلامي هُنا، وسأمتثل لنصيحة البعض بأن أترك هذا الجدل ، ليس لانني إقتنعتُ بكلامهم بأنه لا طائل من وراءه، ولكن لأنني أريد أن أتنفس بعمق قليلا، بعيدا عن صخب المُناقشات العقيمة،
ولكن لا أعدكم بأنني لن أرجع الحديث هُنا،
بل سأعود كُلما خاطبني العقل وألح بمخاض فكرة ما. "معذرة إلى ربكم ، ولعهلهم يتقون "

شكرا لوقتكم أيها الأحبة.

هناك 4 تعليقات:

محمد يقول...

لا فض فوك أيتها الماجدة .
لا أجد ما أقوله بعد اللآلئ التي سطرتها هنا.
والنعم فيك

عُلا الشكيلي يقول...

شكرا لمروك العطر أخي،
حرف يشي بالكثير،
،
جُل إحترامي لشخصك.

NONE يقول...

الأخت علا
لمن دواعي سروري التحاور مع طرحك الجميل
نظرا لانشغالي خلال هذه الفترة سأستمحيك عذرا في العودة لاحقا
اكتبي ما شئت من التعليقات والنقد في مدونتي فلن احذف أي مشاركة لا تتضمن قدح في شخصنا الكريم، او تكرار لنفس الاقتباس
بالمناسبة اسمك يذكرني برائعة ماجدة الرومي طوق الياسمين
تحياتي

عُلا الشكيلي يقول...

مرحبا بك،
سعيدة جدا بردك الجميل هذا،
يبدو لي انك رجل ذو فكر،
سيكون النقاش رائعا معك.

وماجدة الرومي ، صوت عذب،

إحترامي لشخصك