الأربعاء، 5 أغسطس 2009

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافة ، باب مشرعة ناحية صناعة الحضارة، وتأشيرة الدخول لمصنع الحضارات،هي حتما لا تأتي بها المصادفات، إنما البناء المعتد من اي شعب، هو ما يزجي به ناحية رقي حضارة ، أو ضمورها.

البناء ذاك، لابد ان يكون من بين ادواته ومعداته، الثقافة بجميع جذورها وهيئاتها، وأشدد على الجذور هنا لأن الجذر هو ما يصنع قوة القمة، او يعمد إلى تراخيها، وهو أيضا ما يعطي نكهتها وتميزها لدى الآخر، وتكون متفردة، بتلك النكهة ، ومتميزة بها، حين تجتمع ثمار تلك الثقافات ، على مائدة الحوار، ونسيج يحسب لها، حين يُحاك ثوب عولمة الثقافات.فتظل هويتها موجودة مُعلنة عن ذاتها للمارين من أروقة التاريخ، بحضاراته المتعددة.

الشعب الذي يعمد إلى تكريس تلك المفاهيم ، برغبة الإنفتاح والغرف من الثقافات والحضارات الأخرى ، لابد له أن يعمد إلى تعلم مفاهيم لغة الآخر وثقافته ، من أجل أن يعد نفسه إعدادا جيدا لأي حوار ثقافي فكري مع أي حضارة ، كي لا يضيع وسط المعمة وبالتالي تندثر حضارته.

اما حين تتلبد غيوم الفكر بالإنعزاية الثقافية، ولا تنفتح ثقافة شعب بالثقافات الأخرى، فإنه لن يقوى إلا على السير بعكازات الخوف، من أن يفقد هيبة وجوده وحضارته أمام حضارة ووجود شعوب آخرى، لم يتوغل إلى أعماق القوة الحضارية بها،وبالتالي هو أمام خصم لا يعي من أمره شيئا، وحين ذاك لن يكون هناك حوارا بينه وبين أي ثقافة، او حضارة اخرى، وكيف يكون حوار بين حضارتين والأبجدية بينها مبهمة وغير مفهومة. ولا من تواصل فكري او ثقافي بينهما !!
بوجود تلك الإشكالية، بين أي حضارتين، ينولد الصراع بينهما بلا شك.

الصراع ، تكون نتيجته في العادة، غالب ومغلوب، وثقافة الأحادية التي تنزوي في ظل الوحدة،والإنغلاق الحضاري ، لابد وأن تكون هشة ضعيفة، أو هكذا يقول المنطق.

وحين ذاك، يكون الشعب أمام منزلقين .
إما ان يصعر خده، ويذوب في أي حضارة أو ثقافة أخرى، حتى تطمس هويته بالكامل أو تكاد، وإما أن يظل يقاوم حتى توشك جميع أطرافه على العطب ، فلا يخرج من ذلك الصراع –الغير متكافئ – إلا على
كفن العزلة، ومنها إلى مقبرة التاريخ ربما.

آخر الهمس:

الإنفتاح على فكر الآخر وثقافته ، هو ما يجعلنا نتقن لعبة الصراع الخفي، بتذاكي شديد، الذي هو متكأ بالغ القوة، لإتقان فن الحوار بين أي ثقافتين لاحقا.

لذلك نجد ان أباسلة التاريخ، وقائدوه ، كانوا حريصون فيما مضى على منهج الإنفتاح ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

عُلا الشكيلي



سبق نشرالمقال مؤخرا بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

ليست هناك تعليقات: