الأربعاء، 29 يوليو 2009

أرق ، شهوة الكتابة

شيئا ما كان يدور حول خلايا أدمغتي أجراس يؤرقني رنينها،
والعجيب أنها لا تأتي إلا وقت نومي،
توقظ فيني شهوة جامحة للكتابة، تجبرني
على ترك وسادتي، والتسمر خلف جهازي المحمول!

كم يربكني كل ذلك، كيف لي بمقاومة شهوة
الكتابة تلك؟! وكيف لي بإقتناص تلك الأفكار التي
تراودني عن نفسها كل حين، هي لا تأتي إلا حين
تكون روحي مغيبة، في شبه إغماءة قدرية!
ربما لأنها تدرك ان الروح التي تستيقظ بنصف إغماءة،
لا يمكنها أن تطارد خيالا كأفكاري تلك!

لذلك كانت تنام بقربي، تشاكسني بأحاديثها التي لا تنتهي،
وحين استيقظ للإنقضاض عليها،اجدها قد لاذت بالفرار!
أمتلئ سخطا عليها، وأعصب رأسي بقوة، كي امنعها
من معاودة المجيء والعبث بخلايا أدمغتي مجددا،
همستُ، كمن يستعطفها:"إن موعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟!

تُصر هي بزن طويل على رأسي:
"لليل حكايات مختلفة ، لا تشبه حكايات النهار " ،

- أدرك ذلك، وأدرك أيضا ان الحلم بين زواياه لم يأتي عبثا،
بل هو صورة مواربة لحقيقة اطماعنا ونوايانا ، كما ادرك
أنك تنتعلين الخبث ، وتحثين الخطى إلى دواخلي، ربما
لتشاكسين روحي، وربما لتعبثين بخلايا فكري، وربما
لتجعلينني اتصبب عرقا من غواياتك المتكررة ،
للمارسة شهوة السطو على سطح ورقة!

ليس لدي من الحبر الآن ما يساعدني على غواية ورقة،
من أن اجل أن تفرد لي نفسها ، لأمارس على حوافها
تراشق الافكار، وبعثرة الحروف،لذلك أنصحكِ بالإبتعاد ،
ومعاودة المجئ صباحا، ففي الصباح كل حواف الورق
شديدة الإنبساط ، وكل محبرة هي على إستعداد تام للممارسة
الرقص فوق حواف ورقة كنوتة موسيقية بالغة الدقة.

-ربما، ولكن الحلم لا يأتي نهارا، إنه رذاذ فكر لا يمكنه الصمود
في عين الصبح الفاضحة، خشية الإفتتان بسخرية الواقع،
التي حتما سترغمه على الإنصهار فوق رصيفها الحارق.

هناك حكايات لا يمكن للنهار ان يرينا أطيافها الضوئية ،
لانها ستتلاشى حتما في وهج النهار، ولن نتمكن من
سماع همساتها الخافتة، بسبب الضجيج المتوشح
بالأصوات المختلفة المتصاعدة في سماوات العبث البشري.

يالا حيلك التي لا تنتهي!
أُدرك تماما أن للعقل البشري عينا ثالثة، لا تشبه
تلك المزروعتان على جانبي القدر، مهمتها التلصص
على ما وراء حكايات القدر المبعثرة على رصيف أعمارنا ،
هي حتما شديدة الحساسية للضوء، لذلك لا تقرأ أبدا ولا تبصر
إلا في عتمة الهدوء، وسكون الليل.

لذلك نجد أكثر المفكرين والمتأملين لا يجدون زاوية أفضل
من عتمة ليل، يسكنون إليها ليقتنصون فلسفتهم في الحياة.


ولكني مغبونة بالتعب الآن، مقهورة به، عيناي ثقيلتان ،
اثقلهما جري النهار ، برمشاته المتكررة على طرفيها،
عاوديني صباحا، الصباح مليئ بالإشراقة التي
ستتكفل حتما بنسج كل تلك الحكايات ، وبسطها على سطح ورقة.

- ظلت تزن على رأسي، أُدرك جيدا أنها لن تتكرني وشأني،
يبدو انه لا مجال لكبح جماح شهوة الكتابة تلك،

لعنت إبليس، وتناهضت بتثاقل شديد... فتحت جهازي
المحمول، وبدأت العزف بطقطقات متلاحقة
على لوحة المفاتيح حتى إنبلاج الصباح.

عُلا الشكيلي

*سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الخميس، 16 يوليو 2009

وقفة، ألعقلك أم لغضبك؟!


كثيرة التأمل هي انا،
كثيرة الإسترسال للمواقف ،
والوقوف على عتبات الفكر.

ماذا يحمل فكر الآخر؟
من أي الزوايا ينطلق؟

لماذا نتقيد بأمور لا تغني
ولا تسمن للعقل ولا لعنوان الحضارة شيئا؟

&&&

ما هي المشكلة الفعلية التي تواجهنا
حينما نكون بمواجهة مشكلة ما؟
أو موقف طاريء
أو حادثة تبعث في نفوسنا شيئا من الإحراج او الإرتباك؟

أنت، وأنتِ
هل تؤمنون بالعقل،
أم تعتمدون الجسد بما يختزنه من عضلات.
لتعامل مع الأحداث أو المصاعب التي هي غالبا ما تكون في قبالتنها
بين أنياب المواقف الحياتية واليومية التي لا تنتهي؟\

سأحدثكم عن موقف،
من عشرات المواقف التي مررت بها ربما.

رجل مفتول العضلات موظف بإحدى الدوائر الحكومية،
التي شاء القدر أن أكون متواجدة بها ذات
صدفة، حين كنتُ أقضي معاملة لي.
أحد الابواب،
غُلق بإحكام،
ويبدو ان بمقبظه خلل،

الموظف المذكور اعلاه،
أمسك بالمقبض، بكل ما أوتي من قوة.
دفعه مرارا ومرارا إلى الخلف.
في محاولة بائسة لفتحه!

تصدع رأسي من كثر محاولاته المملة!
ما هذا التصرف؟!
هل سيفتح الباب بتلك الطريقة؟!
هل يظن ان القوة وحدها قادرة على حل جميع
المشاكل والعقبات التي تواجهنا؟!

كنتُ سأصرخ بوجهه:"كُف عن إزعاجنا أيها العابث"
تقدمت نحوه،
وبهدوء طلبت منه ان يتركني أحاول فتح الباب.


نظر إلي محتقرا جسدي الضئيل.
قرأت ما يدور في خلجات نفسه.
وبين زوايا فكره،


قلتُ مقاطعة أفكاره:"لا بأس أخي،
دعني أحاول فقط، لن تخسر شيئا"


ترك مقبض الباب،
وتراجع للخلف،
وهو يرمق ساعدي الذي لا من عضلات ظاهرة عليه.

بدوري أمسكت مقبض الباب،
وبثقة وبهدوء شديد،جذبتُ المقبض نحوي،
وبحركة هادئة مباغتة،
دفعته ناحية حلقته التي يحتمي بها
ثم بحركة مباغتة
أرسلته للخلف .

فُتح الباب في أقل من نصف دقيقة!

نظرتُ إلي الموظف إياه
قرأتُ علامات التعجب التي
إرتسمت على تقاسيم وجهه.

بدوري مضيتُ بثقة
وتراجعت عائدة إلى حيثُ مقعدي بإنتظار الدور.

&&&

ما رأيكم؟
أليس العقل والحكمة يكمنان في الهدوء؟
أليست القوة أيضا تكمن في التصرف الهادي؟

لهدوء في نظري يجعلنا نسترسل الأفكار.
ونتصرف بحكمة.
لذلك كانت نصيحة النبي الكريم:"لا تغضب ... وكررها ثلاثا"

&&&

كم مرة صادفت مشكلة ما،
إعتمدت الصراخ والعصبية لحلها؟

هل تعذروني إن قلت لكم،
انني ألاحظ الرجل العُماني كثير العصبية،
ويتعامل مع المشكلات بنوع من العنف؟

مهلا،

أراكم الآن مقطبي الجبين.
ألف عقدة ترتسم بين اعينكم و أعلى جبينكم!
وتصرخون :"ما هذا الهراء"؟!

حسنا،
ربما أنا مخطئة،في تصوري
ولم يحدث شيئا من ذلك
ولم ترتسم عشرات العقد بين عينيكم.
ولم تصرخوا أيضا:"ما هذا الهراء"

أخطأتُ إذن ومنكم فقط ألتمس العذر.

ولكن:
ثمة سؤال، ملحة انا على ان تجيبوني عليه،
لماذا يا إبن بلدي تعتمد العصبية
ولا ترقى لفن تعاملك مع مجريات الاحداث من حولك؟!
لماذا لا تزال متمسكا بعباءتك البدوية البالية؟!

&&&


يا رجل شرقي،
أغرتني الروايات حين كانت تَقِصُ عليً
بطولاته،
أين اجدك الآن في زحام الفوضى؟
أجبني أين؟!

عُلا الشكيلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة هامة جدا.
مصطلح "العباءة البدوية" كناية عن
العادات الغليظة التي ليست من الدين في شيء.