الأربعاء، 19 أغسطس 2009

الكتابة بالعامية

الكتابة بالعامية

لغتنا العربية عامرة بالكثير من المفردات الجميلة، وهو ما يميزها ربما.
كونها تُمكننا من إستخدامات شتى للمفردة الواحدة، وتمكننا كذلك من إختيار المفردة الجميلة والمحببة، ذات الطابع الأدبي أحيانا، أو كتابة الكلمة كيفما هي متعارف عليها في قواميس اللغة، كي تكون سهلة لدى عامة القراء.

بأي هيئة تأتي بها المفردة في لغتنا العربية، فإنها بلا شك ستبدو جميلة، مادامت تأتي بثوبها الحقيقي، وبمعناها المتعارف عليه، وقد تبدو أجمل لدى الأدباء ومتذوقي اللغة، إذا ما أتت صعبة المراس، متعمقة المعنى ، مغمورة بالجمال الأدبي.
مع ذلك فهناك بعض المقالات التي تأخذ الطابع الشعبي أثناء الكتابة، بما تُسمى بالمقالات الشعبية ، والتي تاخذ لها أعمدة جميلة في بعض الصحف.

وفي بعض الأعمال الأدبية، كالرواية مثلا، تتداخل المفردات العامية ، التي تعطي بعض الخصوصية والجمال للعمل الأبي ، كون أن بعض الحوارات بين شخوص الرواية لابد وان ياتي بطابع عامي بحت، تُقرب القارئ من شخوص وأحداث الرواية اكثر وتشعره بخصوصيتها اكثر، وبذلك يقترب المعنى إلى ذهن القارئ.

إلا أن البعض أحيانا و بشيء من الجهل في معنى المفردة، يعمد إلى حشر كلمة عامية في نص كُتب بلغة أدبية بحتة، ولا يفطن إلى أن قواميس العامية لا تتوافق احيانا مع مفردات اللغة الأم. مما يتسبب في خلل واضح بالنص الأدبي.

فمما لا شك فيه، ان الفرق شاسع بين أن يُكتب مقال بلغة شعبية ، وبين أن تُحشر كلمة عامية دخيلة على نص أدبي ، فالمقال ذو الطابع الشعبي يأتي باللغة الشعبية منذ بدايته إلى نهايته، فيكون بذلك جميلا راقيا بجمال ووضوح المسار الذي كُتب به. أما النص الادبي فهو بلاشك بحاجة إلى أن يكون بفس المسار الادبي الذي كُتب به منذ البداية ، كي لا يختل توازنه او مساره الادبي.

قرأتُ مرة في صفحة ثقافية بأحد الجرائد، نص أدبي بحت، ادرج كاتبه مصطلح "طلعتُ من الغرفة" يريد منه " "خرجتُ من الغرفة "!
إلا أن معنى كلمة "طلعت" في قواميس اللغة جميعها ،هو "أشرقت" أو "ظهرت"

فكيف ستعبر تلك الكلمة العامية إلى ذهن القارئ بسهول؟! و النص كان من بدايته إلى نهايته ، أدبي بحت، كتب بلغة أدبية، ثم تأتي تلك الكلمة لتكون كالنكتة السوداء في قلب البياض!
صحيح ان سياق الكلام سيظهر للقارئ المقصد الحقيقي من الكلمة، و لكن
تداخل تلك الكلمة العامية وحشرها حشرا بين كلمات النص ذو الطابع الأدبي، بلا شك ستعمل على الإخلال بجمالية النص ، وتفقده مساره الأدبي، فيفقد الكثير من روعته بفعل تلك الكلمة التي لا ندري من أين جاء بها الكاتب ؟! ولا بأي ذريعة؟
عُلا الشكيلي
سبق نشر المقال في ملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

ليست هناك تعليقات: