السبت، 3 أكتوبر 2009

مع أطفال العائلة

حبي للأطفال يجعلني وإن ساءني فعل أو أمر منهم ، فإنني أُهدد بالضرب ولا أفعل، وفي كثير من الأحيان ينتهي التهديد بالعصبية المهترئة بالإبتسام المضحك الذي أكتمه مُرغمه.
وإذا ما حصل وزعل احدهم من تهديدي له أو صراخي عليه ، فما ألبث أن أعود لملاطفته وتهدئته لإفهامه خطأه الذي أجبرني على فعل ما فعلت.

أجدني أمام الطفولة وروعتها لا أقوى إلا على ان اكون ضعيفة هشة ، بالرغم من صراخي المُتطاير في المكان ، وفي آذانهم ، ذات فوضى ، فينظرون إلي وفي أعينهم خوف مكتوم ، فيضحكني منظرهم وأبتسم.
يلهب ذلك غزيرتهم الطفولية ناحية مزيد من الفوضى مُجددا.
فأبعث تهديدي لهم مرة أُخرى وأنا أتصنع الحزم هذه المرة ، فيتمثلون لأوامري بالرغم من أنني لا أمسك عصى ، ولا أرفع يدي لتقع عليهم إلا بحذر شديد،
مع ذلك ، أسمع أختي كلما إفتعل إبنها بعض الفوضى أو تأمره فلا يأتمر بأمرها تُهدده بانها ستخبر خالته "اي حضرتي"
فأبتسم ، للفوضى التي يُحدثها ، وأحاول أصوب له نظرتي وهي جافة من اي إبتسام أو بإبتسامة مواربة .فلا أقوى سوى أنن أبتسم وأنا أنظر إليه.
فينظر إلي بخجل ، ويهدا قلي فأقول :" مُعتصم ،حبيبي ، ليش إنت فوضاوي كذا؟
فيجيب بإبتسامة وكأنه يعتذر لي بها،
بيني وبين إبن أُختي ذاك ، إحترام كبير ، بالرغم من سنه الصغيره تلك، التي لم تتعدى الخامسة إلا ببضع شهور .

تشتكي لي أمه مرة أن لدديه هوس التسلق الغريب ، عللت لها ذلك بانه مُعجب جدا برجل العنكبوت ، الكرتوني لذلك يُقلده!
قالت:"ولكننه يفعل أشياء خطرة ، تُصدقين مرة نزل من الطابق الثاني إلى الطابق الأرضي عن طريق " البلكونة"!
ضحكت وقلت :"معقولة"؟!
قالت ، صدقيني لا اعرف أتعامل معه؟! أتعلمين رأيته يقفز من جدار لآخر فنصحته بأن لا يفعل ذلك لأنه خطر !
رد علي بكل ثقة:"أنا عندي مهارة المفروض أن تفخري بي ، وتشجعيني ، ما تصرخي علي كذا!!!
قلت لها :"إلحقيه بمعهد لتعلم الفروسية ، فهناك سيستغل موهبته هذه بالشكل الصحيح.

&&&

"ريم " إبنة أُختي ، كانت صائمة هذا العام ، وهي لم تكمل الثامنة من عمرها بعد،
كُلنا كُنا نُشجعها .
أخوالها كانوا يتعمدون أن يثيروا صراخها في المكان ببعض مشاكساتهم لها. فتبدأ بالصراخ عليهم والزعل والنعيق والمُصارعة حتى. وهي صائمة ، مما يجعلني أُشفق عليها .وأهدأ من روعها.
ولكن احد أخوالها لا يجوز عن طبعه، هو هكذا دائما ، يفتعل الفوضى مع الصغار ، فبشاكسهم كأنه قريب من عمرهم !
"ريم" شخصية ذكية جدا ، جميلة ، وقوية ومُتسلطة أحيانا ، ثقتها في نفسها بلا حدود، بأمانة تعجبني جدا شخصيتها ، بالرغم من أنني أحيانا حين يثور غضبي من بعض تصرفاتها أُسدد إليها بعض التوبيخ الحاد، ولكها لا تأبهه بشيء من ذلك.
كُلما إلتقت بخالها "......."وشاكسها ببعض الحركات الفوضوية ،تصرخ وتبكي ، وتشبعه ضربا بأياديها الطفولية الجريئة.
وهو يضحك من تصرفاتها فيزداد حُنقها ، ويزداد صراخها المتطاير في أذنه ،فينهرها ممازحا بشيء من الجدية ، تذهب إلى جدها أو أمها وهي تشتكي من خالها ، وتُطالبهم ان يأخذوا حقها منه وان يضربوه!!!!

يضحك الجميع عليها، فتثور أكثر من ذي قبل ، وتقولها مرارا:"أكره خالي أكره أكره"!!

بالأمس حضروا إلى منزلنا وخالها كان في عمله لم يأتي إجازة هذا الأسبوع، فرأيناها تسأل عنه بإلحاح شديد،
علقتُ أنا :"القط ما يحب إلا خناقه".
فشرعت تسألني عن معنى العبارة ومن أين جئت بها.؟
قلت لها :"من التلفاز"
نظرت إلي مستغربة :"أنتِ ما تشوفي تلفزيون أصلا"
قلت ُ:" الكلام يا عزيزتي ريم لا يُرى وإنما يٍسمع"
فأنا سمعتُ تلك العبارة من التلفاز ولم أشاهدها .وإنعطفت شفتاي بإبتاسمة ناحيتها ، تحمل الكثير من السخرية .

ضحكت وعلقت، صحيح خالوه شرحي لي معنى"فيلسوفة"؟!
قلت :كيف قفزت هذه الكلمة فجأة في ذهنك؟
قالت لم تقفز فجأة بل كلامك ذكرني بخالي"........" سمعته مرة يقول:"عُلا تتفلسف في كلامها"!
قلتُ لها :"فقط كان يمزح. لأنه كان مُتضايق مني .
لكن أنا أريد أعرف خالوه معنى "تتفلسف"؟!
قلت :حقا لا أُجيد فلسفة الكلمة ، فهي أكبر من أن أصيغها بعبارات. أو أضعها في جملة إنشاءية.

&&&

"حنين " إبنة أخي، طفلة ربي يحفظها جميلة ، ذكية جريئة ذات شخصية قوية ، دلوعة طبعا ، كالبقية ،يقولوا أنها "عُلا الصغيرة" ليس في شكلها فحسب وإنما في تصرفاتها وشخصيتها أيضا! مع إني لا اراها تُشبهني .
ولكن كل عين ولها نظر، سبحان الله ، حتى أبي يُناديها :"عُلا ".

"حنين" تسأل عن كل شيء، كل شيء عندها لابد أ يُناقش، فلا يمكن أبدأ أن تُعطيها معلومة مُبهمة ، لابد لها أن تفهم كل معلومة تُلقى على أُذنها!
معلماتها في الروضة يمتدحنها جدا ، ويعتمدن عليها في إفهام بعض طلاب صفها أحيانا

كُنا مرة نتذكر جدتها "أمي " رحمها الله، فسألتنا "جدتي الحين مع الله فوق"؟
قلتُ لها نعم .
قالت :"خطأ، الله فوق وإلي يموتوا يدفنوهم تحت الارض ، كيف يروحوا فوق؟!
قلتُ لها ، الأجساد هي التي تُدفن ولكن الروح تصعد لخالقها،
قالت كيف؟
قلتُ لا ادري كيف أشرح لكِ ، أنتِ ما زلتِ صغيرة ،
أنا ما صغيره عموه، أنا السنة الجاية بروح صف اول ، خلصت تمهيدي خلاص.

تُخبرني وكانني لا أعلم ذلك.
إلهي ، كيف أتخلص من اسئلة هذه الصغيرة ؟!

المشكلة ان أُختي ، وزوجة اخي يقلن لي أن "ريم وحنين "
طالعين علي ، لأني أنا كنت كذا لما كنت صغيرة!!
قلت:ربما .

هناك تعليقان (2):

محمد يقول...

جميل جدا هذا السرد يا عُلا. شيء ما يكمن خلف سطوره . اعجبتني نصيحتك لأختك من أجل إبنها بان تلحقه في بمعهد للفروسية. الاطفال بحاجة إلى من يفهمهم. ويفهم تصرفاتهم ليوجهها.

ملاحظة ؟هثناك بعض الاخطاء الإملائية في النص، ربما سببها السرعة أتمنى أن تلتفتي لها.


أخوكِ

عائشة يقول...

سرد رائع،
والأروع هو الرسالة او المضمون الذي أردتِ قوله هُنا.

رائع يا عُلا. وروحك الطفولية هي الأروع بالرغم من جديتك في القاش والطرح.