السبت، 10 أكتوبر 2009

نظرة شهريار لأدب شهرزاد ومُصطلح الأدب النسائي

الادب النسائي، مصطلح بات متلصقا بكتابات الانثى على الساحة الادبية، أينما حل ورحل!! كثرة هي تلك الإنتقادات على كتابات المراة، وكثرُهو اللغط فيها، وما أكثرهم أؤلئك المتشدقين الذين يعيبون قلمها، واصمين إياه ب"الأدب النسائي"!! ولا ندري حقيقة، هل ذلك النعت مثار فخر ، وتميز أم انه وصمة عار في قلم المرأة بنظرهم؟؟!! مانعلمه بحق، أنه أصبح مثار جدل حقيقي في ساحة الادب، حينما يصنفونه-ذلك الادب- بكونه أدب نسائي أو أدب ذكوري!!

في نظري أن الادب لا يمكن ان يصنف حسب جنس الكاتب ، وإنما هو من يصنف فكر الكاتب ، ربما هي وصمة عار في فكر أؤلئك، الذين لم يبرحوا ، عرش شهريار بعد، وربما هو أمتقاتهم لعقل المرأة الذي لا يزال معلقا في أسطورة الرجل الشرقي لديهم، ذلك الذي يرفض للأنثى أن تبعث بفكرها، أو أن تقول رأيها على الساحة. وبالرغم من ثقافتهم العالية، إلا انه على ما يبدو، لم يزل شهريار ساكننا عقولهم، متربعا عليها، لذلك هم ينظرون إلى كل أنثى على أنها شهرزاد ،تأتي حكاويها فقط من أجل أن ترضي غرور شهريار المتكئ على عرشه بغرور،

خاب ظنهم بلا شك، لأن شهرزاد الأولى، بلغت من الذكاء مبلغه، وما كانت حكاويها بوصمة عار على بنات جنسها، بل كانت مثار فخر، حق لكل أنثى بعدها أن تفخر حين تذكر حكاوي شهرزاد وهي تقارع قوة شهريار وسلطته، بذكاء وحكمة شديدين. شهرزاد هي من علمت شهريار كيف يحكي، وكيف ينصت للحكاية، شدته بعقليتها الفذة، فكل قلم لشهريار اليوم، ما هو إلا تلميذ لشهرزاد الأولى، فهي المعلمة الاولى له في فن سرد الحكاية. بل وفي فن الانصات لها أيضا. ثم ياتي شهريار اليوم، يريد أن يتربع على العرش منفردا ، كما هي عادته دوما، لذلك، عيت حيلته إلا من أن ينعت أدب شهرزاد بانه "ادب نسائي" وجلس ، يراقبها عن بعد، مبتسما، وكأنه ينتظر لحظة أنهزامها، كونه صنف أدبها ب"الادب النسائي"!!

شهرزاد-أن كانت تدرك فعلا حقيقة ذاتها، ولديها الثقة الكاملة في قلمها وفكرها- فأن كل ذلك الجدل حول كتاباتها الادبية لن يثنيها عن المضي قدما لصناعة ادبها، وليس وصفه ب"الادب النسائي" إلا منبع فخر لها، ومع أن المتتبع لاغلب كتابات شهريار اليوم، يجد ان شهرزاد، هي من تصنع الملحمة والاسطورة في أدبه، يوظفها في قصصه وحكاويه على أنها الحلقة الاضعف في هذه الحياة، ،، وكم هي حجم القصص والروايات التي قرأناها لشهريار اليوم، يحاول فيها محاولة مستميتة أن يظهر على أنه الفارس المغوار الذي أتى ممتطيا فرسه الابيض ، لينقذ شهرزاد من ياس يلم بها في الحياة،ومصاعب كابدتها،،

بينما بالمقابل، أدب شهرزاد اليوم بات يطرق جُل قضايا المجتمع، ولم تحصر قلمها –كشهراير- في الكتابة عن ما تعانيه هي أو في سرد قصص معاناتها مع شهريار، فقط. إذن، من منهما يجدر به ان يخجل من ذلك التصنيف؟؟ شهريار ام شهرزاد؟؟ ومهما كانت قصص شهرزاد وحكاويها، تحكي عن آلام الإنسانية إلا أن شهريار يصر على تنصيب نفسه حكم على عملها الادبي، ونعته ب"الادب النسائي"!!

بل أن شهريار لم يفتأ ملصقا على شهرزاد ذلك المصطلح ، حتى وإن أنخرطت شهرزاد في الكتابة عن همومه هو تحديدا!!

أهو تصنيف لمتقلد القلم إذن ؟ أم أنه تمييز لقلم شهرزاد تحديدا؟ لا نعرف دوافع شهريار الفعلية تجاه تصنيف أعمال شهرزاد الادبية، ولا نعرف أيضا ، لماذا شهرزاد يضايقها ذلك التصنيف؟؟!! هل لانها تعلم بان شهريار يحاول بذلك التصنيف ان يهمش ادبها؟؟!! ام أنها لا ترغب مطلقا –كونها أديبة- أن يلصقها شهريار بجنسها؟؟

هل ذلك الرفض للمصطلح من قبل شهرزاد، هو رفضا لتهميش دور الانثى في مجتمعها، وفي حياة شهرزاد تحديدا، لأنها ربما أستنتجت من ذلك التصنيف ، أن شهريار لا زال يحاول أخماد إنوثتها عن المضي قدما لأجل أن تبقي على حياة شهرزاد الادبية الاولى ، بعد أن كان معجبا بحكاويها سابقا ،؟!!


قضية تصنيف الادب، أظنه بحاجة الى إعادة تحديث لفكر كل من شهريار وشهرزاد، حتى يصل كلاهما إلى قناعة مفادها أن الادب لا يمكن تصنيفه، حسب جنس متقلده، وإن حدث وأصر شهريار على تصنيف أدب شهرزاد، فلتعلم أن ذلك التصنيف يصب في جمل التميز الادبي لها، لا أن تعتبره وصمة عار في قلمها.

عُلا الشكيلي
#سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة منذُ شُهور مضت

هناك 4 تعليقات:

محفيف يقول...

صحيح أن الأدب أدب وليس له علاقة بالجنس ولكن مجتمعنا الشرقي الذكوري لا تزال سطوته ظاهرة للعيان من خلال انفراده بالتصنيف وإطلاق المسميات.. وإذا لم تظهر أصوات مضادة لهذا التوجه الواقعي(واقعي على الميدان الآن بحكم سطوة الذكور) ستكون الكثير من المسميات الافتراضية حالياً واقعاً في المستقبل.
الله يعينكم يا جماعة شهر أزاد مشواركم طويل..
تحياتي

غير معرف يقول...

جميل يا عُلا

عُلا الشكيلي يقول...

محفيف،
مُجتمعاتنا اعربية ، ذكورية بحتة، كم أكره ذلك الأمر، لأنه يعتمد على الكثير من الغعوجاج بل والتطرفات بل والأصوات المُضادة الشاذة المسترسلة بذكاء من يُتقن الصيد في المياه العكرة،
\لو لم تكن مجتمعاتنا بتلك الفكرة العوجاء التي لا تمت للدين بصلة، لما وجد مغرض من سبيل إلى عقر بيوتنا ، مُطالبا بحقوق المراة وتحرير المراة.

إنه الجهل سيدين نتمنى أن يزول إلى غير رجعة لتزول معه الكثير من الإشكاليات،

شكرا لمرورك المثري سيدي.

عُلا الشكيلي يقول...

غير معرف،
شكرا لمرورك