الجمعة، 14 مايو 2010

المُتاجرة بالمشاعر

أن تُستغل الطفولة من أجل الكسب الرخيص ، فحقا ذاك مما يُفجع القلب، ويؤلم الروح .

جائتني وأنا منهمكة أشرح "للخياط" ما أريد من تصميم لفستاني ، فإذا بها تقرع باب قلبي بطرقات على كتفي ، أنتبه ليدها وهي ترفع ذراع الطفلة ، الذي بدا مشوها تماما ، تألمتُ بعمق ، وأشحتُ بوجهي بعيدا ، سمعتُها تقول :"ابنتي ، تحتاج إلى عملية تجميل ،لذراعها المحروقة ، ونحنُ لا نملك ثمن تكلفة العملية ، ثم أردفت ، هل يرضيكِ أن تظل الطفلة هكذا ؟ قلتُ وأنا لا زلتُ أشيح بوجهي بعيدا عن المنظر المؤلم :" كيف حصل لها ذلك ؟!

كان جوابها أن الزيت الحار إنسكب على يد الطفلة ، حين غفلت هي عن مراقبتها !

تمنيتُ لو استطعتُ ساعتها احتضان الطفلة ، وسكب دموعي على ذراعها ، ولكني لم أستطع حتى معاودة النظر إليها .

لاحظتُ ان من كان بصحبتي ، ظل صامتا ، لا ينطق ببنت شفه ، وما أن خرجت المرأة حتى قال لي بغضب :" كيف تُصدقين مثل أولئك المتسولين ؟! ثم أردف "هم من يفعلون ذلك بالأطفال ، ليتسولون على حسابهم ؟!

-حرام عليك ، اتق الله وأحسن الظن بالآخرين ، وتذكر "إنما الأعمال بالنيات ".

-ولكنكِ بتصرفكِ ذاك تُساعدينهم في جرمهم.

-لم أعهدك قاسي القلب هكذا ! ماذا لو كانت المرأة صادقة في كلامها و أشحتُ أنا بقلبي عنها ، ألم يسألني الله عن ذلك ؟!

-صادقة ؟! أقسم بالله أنكِ طيبة أكثر مما يجب .

-وبغضب أُجيب :"لا بأس ، أنا أُحبُ نفسي هكذا ".

&&&

خرجنا من المحل ذاك ، ودخلنا محل آخر ، وطرقت باب قلبي وإستعطفتني سيدة أُخرى ، تحمل رضيعا ،في يدها .

وقبل أن أنطق بكلمة واحدة ، رد هو :"الله يساعدك اختي ، الله يساعدك "

ولم يُعطيها فرصة لأن تشرح ما تُريد حتى !

فخرجت هي من المحل ، وسكنني أنا الغضب من تصرفه .

-ماذا لو كانت المرأة محتاجة فعلا ؟! ألم يقل المولى :"وأما السائل فلا تنهر ؟

-صدقيني هم يستغلون الأطفال ويُتاجرون بمشاعر الناس .

-لما أنت واثق من ظنك السيئ بهم ؟

-ليس ظنا بل يقين

وما هي إلا لحظات ، حتى رأيتُ المرأة ذاتها ،تنطلق مسرعة ، بدون الطفل الرضيع !!

نظر إلي وابتسم ، وقال :"أرأيتِ ؟!

-وبتعجب أسأله :"أين تركت الطفل ؟!

-استلمه غيرها يا عزيزتي ، هي إنتهى دورها خلاص !

ثم طفق يحكي لي عن ما يحدث في مكة ، وكيف أنهم هناك يأتون بالأطفال في موسم الحج والعمرة ، وقد قطعت أطرافهم من خلاف ، يضعونهم في شمس مكة الحارقة ، ليتصدق عليهم الحجاج ! وقصص أخرى كثيرة ، تحصل في الكثير من الدول العربية !

&&&

ألا يعد ذلك مُتاجرة بالمشاعر ؟! ألا يعد ذاك إستغلالا للأجساد الغضة ؟!أليس ذاك حرام في ديننا؟!

أين الدولة ورجال الدين من كُل ذلك الظلم الواقع على تلك الأجساد الغضة والأرواح البريئة ؟!

لما أصبح حال الأمة الإسلامية هكذا ؟!

أين عصرها الذهبي ، حين كان الناس فيه يبحثون عن فقير ليدفعوا له بصدقاتهم وزكاتهم فلا يجدوا ؟!

إلهي ،إني أبرأ إليك ، مما يفعل الظالمون .

هناك 4 تعليقات:

محفيف يقول...

مآسي
شفت قبل فترة فلم سينمائي"المليونير المشرد" وكان من ضمن المشاهد أن عصابة تقوم بتجميع الاطفال المشردين وتقوم بتشويه أجسادهم وقطع اطرافهم وفقء أعينهم لكي تستخدمهم في الشحاتة وتجميع الاموال.. مشهد فظيع ومرعب
هذا كان فيلم سينمائي بينما في الواقع موجود..
تحياتي

عُلا الشكيلي يقول...

وما خفيّ كان أعظم .

كانت تقول إحدى الممثلات في مسلسل لا أذكر عنوانه ، وهي تُخاطب أم الطفل المخطوف:"بعته قطع غيار "!!!

إلهي ، رحماك نرجو من قسوة ترسبت في القلوب .

الواقع يُقرؤنا أكثر وأكثر يا محفيف .
نسأل الله الهدى والعافية

نعيــ( الامير الصغير )ـــم يقول...

هذا حالنا اختي علا .. تمتلكين صفاء وقلب ابيض ، لك الاجر الكبير بما كان في نيتك تجاه الضعفاء

تلك المرأة وغيرها مع الاطفال هم ضحايا عصابات استغلت فقرهم وضعفهم ، قد تكون تلك المرأة ارملة او لا عائل لها ، انها الان تحت جبروت عصابات المتاجرة بالبشر ، وللاسف انهم عرب ، تجديهم اليوم في مسقط وغدا في الشارقه ، ثم الى المنامه والرياض ومكه ، المهم ان يجمعن اكبر عدد من الاموال ، ومن لم يسمع الكلام يرمونه بلا رحمة ، لمعلوماتك حتى النساء من تلك الجنسية العربية اللواتي يعملن في الاندية الصحية ضحايا لعصابات عربية يجبرن على هذا العمل الدنيء .

المشكلة هذه توجد في الدول العربية والاسلاميه بنسبة 80% لعدم وجود مؤسسات مدنية تحمي الانسان ، وغيرها من الدول بنسبة لا تذكر لوجود مؤسسات تقف بالمرصاد لهذا الاجرام

الاسلام كرم المرأة وحمى حياة الطفوله ، ولكن نحن في زمن عيون لا تنام الا على الدولارات . حسبي الله ونعم الوكيل

تحية وتقدير

عُلا الشكيلي يقول...

سلام لروحك الطيبة يانعيم_
وماذا عساي أن أقول بعد قولك_
نحن في زمن إسلام الثياب والإزار واللحى! زمن يقتتل فيه الأخوة وهم يحملون شعار "لا إله إلا الله" والحقيقةأنهم يحملون الجشع في قلوبهم ويقتتلون من أجل الفناء والدولار!
ما أسلم منا إلا المظهر للأسف_
كان الله في عون عباده المغلوبين على أمرهم_