الجمعة، 28 سبتمبر 2007

مُعادلة صعبة

معادلة صعبة.

لازلت اذكر عبارة أستاذنا عندما كنا في نقاش معه حول الوضع الاقتصادي والمادي في منطقة الخليج بوجه عام والسلطنة بوجه خاص ...حيث قال لنا:"سيأتي يوما على العائلة العمانية أربعمائة ريال لن تكفي فيه لمتطلبات إسبوع واحد"!!

ولا تزال مقولته تلك تعرض علي كلما إستيقظ فكري على ثقافتنا الاقتصادية التي أراها تحبو بين الزحام أو تطفو على سطح من التفاخر اللامحدود.

وأرانا نزحف إلى تحقيق تلك النبوءة من أستاذنا مع بداية زحف عالم التكنولوجيا.والعمالة الوافدة في شوارع المدن والقرى على حد سواء...فالعامل والعاملة في المنزل أصبحا من ضروريات الحياة ومستلزماتها. في الوقت الراهن.

مع أن نسبة الباحثين عن العمل ليست باليسيرة . أي بمعنى أن دخل الاسر العمانية محدود بشكل عام ..مع ذلك نرى التفاخر والتباهي ينافس ويخالط ضروريات الحياة ومستلزماتها الاساسية!!!
لا ندري حقيقة؟؟ لربما كان ذلك ثمنا لألفية الثالثة التي باتت تحاصرنا دوما بزخرفها البراق.

أن آبائنا وأجدادنا كان دخلهم أقل بكثير من دخل الاسر المعاصرة ومع ذلك لم يكونوا يشتكون أو يتذمرون من العوز المادي الذي تفاقمت الشكوى منه في عصرنا هذا.!!
قد يقول قائل:" عصرنا مختلف. فلم تكن هناك في الماضي فواتير تدفع للكهرباء أو المياة أو الهاتف(الثابت والنقال)..."

هذا الكلام لا غبار عليه فمما لا شك فيه أن عصرا للتكنولوجيا والفضاء عصرا ترتفع فيه المعيشة إلى حد كبير .

وإلا فما بالنا نقرأ ونسمع أن نساء الغرب يتجهن ألى العمل على فترتين من أجل تحسين المستوى المعيشي لهن ولأبنائهن؟؟!!

وإذا ما نظرنا إلى ما هية المستوى المعيشي لديهن لوجدناه يفوق بكل تأكيد مستوانا المعيشي نحن العرب ويفوق بالتالي مستوى أجدادنا...ومع ذلك لم تكن تضطر جداتنا للبحث عن عمل،، .لسبب بسيط جدا وهو الرضى والقناعة بواقع الحال.

كلامي هذا ليس دعوة للتخاذل ..بل على العكس فإننا (دوما أفرادا ومجتمعا ) نشجع العمل الجاد الشريف من أجل حياة أفضل . ولا ننسى ان الله تعالى يقول:"ما خلقت الانس والجن إلا ليعبدون" صدق الله العظيم.
والعمل عبادة .

ولكن هي وقفة لإستقراء الماضي والوقوف على الحاضر والنظر بجدية للمستقبل..

إنني أخوض معكم في بحر حديث كهذا لنضع مجهرنا على الجوانب السلبية من ذلك الزحف الفكري الاقتصادي المعاصر.

لقد كثرت حالات الاجرام والامراض النفسية والكبوت والحرمان العاطفي.
قد نظلم عصر التكنولوجيا إن سلمنا بأنه هو المسبب لكل ذلك..

إنما يكمن السبب في أننا لم نتمكن من وزن المعادلة جيدا.

إذ أنه يجب علينا بجانب النهوض بإقتصادنا والعمل على الرفاهية المادية ، أن نعمل أيضا على إثراء الجوانب الاخلاقية والتوعوية لدى الاجيال القادمة بدلا من أن يأتي يوما تضحك فيه الاجيال من ضحالة أفكارنا الحضارية المدعاة.

أيها الآباء....
أيتها الامهات...
ماذا لو إن من تعملون ليل نهار من اجل راحتهم ورفاهيتهم الاقتصادية..ضلوا الطريق وسلكوا مسلك الاجرام.؟؟؟
ماذا لو إن إبنكم قتلته التكنولوجيا بعيدا عن أعينكم ولا تطاله لمساتكم الحانية؟؟
هل ستقولون بعد ذلك :" إن الطفرة الاقتصادية إنما هي من أجل مصلحة ورفاهية الاجيال القادمة؟؟!!
عُلا الشكلي

ليست هناك تعليقات: