الثلاثاء، 26 يناير 2010

هذيان

بعض الاحاديث تُصيبُك بالغثيان ، فهي لا تكف عن التلصص ومحاولة إسكتشاف عيوب الآخرين لتزيد نخرا فيها ولا تفتئ تحدث جليسها عن عيب فلان وسر علان ! ولا حكايات تروق لهم غير تلك ، ويظلون يرسلون دلوهم في جُب الظنون ، يوردون حبل الكلمات مُتدليا إلى أسفل سافلين ، في محاولة منهم لجلب أكبر قدر من الأسرار التي تُحاول أن ترقد في بطن الجُب بــ أمان !

تؤزك أحاديثهم أزا ، وتنخر في أُذنك أكاذيب طويلة ،
يقولون لك- وكأنهم يشفقون عليك-!!: أنت تجلس بعيدا عن الحدث ، لا تعرف أسرار الناس!!!
فتُجيب ونصف إبتسامة هازئة ترتسم على شفتيك ، تُحاول جاهدا أن تسترها : وما يهمني من أسرار الناس ؟! فوراء كل بيت حكاية ، وكل القلوب تسكن قصص ألم أو ضياع لا تنتهي .
فيمطون شفاههم ، ويلوكون ألسنتهم طويلا ، ويعلكون ما إستطاعوا من الكلمات ، قبل أن يلفظونها في وجوه جُلسائهم !!

لماذا قررتُ أن أكون بعيدة عن أي جليس ؟!
ولماذا أراني ألتزم الصمت حين وجودي بين جمع من البشر؟!
أسمعهم ولا أسمعهم ، حين يتقاذفون الكلمات ، ويتناوبون على نبش القبور !!
حتى الموتى لا يسلمون من أصحاب الريق الحامض جدا ! والذي إختمر بداخله كم هائل من الكلمات النتنة !

ما سر شغف الناس بالهمز واللمز والنميمة والفتنة والسطو بأعينهم على بيوت آمنة ؟!
بحق ، أجدني لا أستطيع فهم بعض العقول ، كيف تُفكر ؟!

حسنا ، ماذا لو كان كُل البشر هم في الحقيقة ، نفس واحدة ، تنسخ نفسها كل حين ؟!
أجدني أركن ناحية هذه المقولة التي إنولدت بداخلي على إثر تفكير عميق ، وأنا أتأمل البشر المتناثرون هُنا وهُناك ، المارون والواقفون ، الجالسون ، والنائمون ، وغيرهم .

ألا يحدث أنني أمر أحيانا على فتاة ، تقف في المكان الذي وقفتُ أنا فيه ذات مرة ؟!
ألا يحدث أن أشاهد أخ وأخته يتجولون في السوق ، فأتذكر أنني تجولتُ مع أخي في ذات المكان ، وبذات الطريقة ؟!
ألا يحدث أن تُخبرني جارتي حكاية بيت من البيوت ، أجدها توأم شديد الشبهة لحكاية بيتنا ؟!

إذن كل البشر متشابهون ، كلنا في الحقيقة ، نعيش نفس القصص ، ترصد كاميرا أعيننا نفس المشاهد، تتربص بنا نفس الهموم .

الفرق يأتي فقط ، من طريقتنا في التفكير .
كم تمنيتُ أن أغوص في عقول البشر ، لأعرف كيف يفكر كل واحد منهم !!!!!

هناك 7 تعليقات:

lina يقول...

علا العزيزة سلام الله عليك و رحمته و بركاته..

أما عن كشف عيوب الناس فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من تتبع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته"

و قال (لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)

فمن ستر عبدا ستره الله و من كشف عبدا كشفه الله ...و من البشر سبحان الله من اصبح هذا هو شغلهم الشاغل و السنتهم تقطر غيبة و نميمة و فتنة فلا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ..

وهل يكب الناس على وجوهم الا حصائد السنتهم

اللهم طهر قلوبنا و السنتنا

بارك الرحمان فيك ..مواضيعك ثرية كالعادة ..شكرا لكِ

لينا.

ابن الإيمان يقول...


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
الاخت الفاضله علا:
السلام عليكم:
ومساؤك سعيد
كان الله في عونك على هذه المعاناة..

أما كلماتك فهي تشبيهات بليغه وعميقه (ما شاء الله)..

((ويظلون يرسلون دلوهم في جُب الظنون ، يوردون حبل الكلمات مُتدليا إلى أسفل سافلين ، في محاولة منهم لجلب أكبر قدر من الأسرار التي تُحاول أن ترقد في بطن الجُب بــ أمان !))
00000
تصوير رائع لإصرار البعض على الحفر عميقا في اسرار الآخرين المدفونه هناك في ظلمات قعر بئر الخفاء...!!!
0000
((تؤزك أحاديثهم أزا ....

حتى الموتى لا يسلمون من أصحاب الريق الحامض جدا ! والذي إختمر بداخله كم هائل من الكلمات النتنة !))
0000
مرة أخرى:
أحاديث الشياطين بازيزها حولنا لا تتركنا وشأننا.....

أما الريق(الحامض)..فاعوذ بالله منه..

حامض ..واختمر بداخله نتن الكلام....أيييع
أكاد اتقيا ما في بطني من حموضة ومرارة الصوره...

حقيقة ابدعت يا اخيتي الفاضله..
تصوير فوتوغرافي دقيق رغم مرارته

الآن ادركت صورة من صور الابداع التي عايشها قراؤك من خلال كتاباتك التي لم تحن لي الفرصه لقرائتها....

0000000
((
ما سر شغف الناس بالهمز واللمز والنميمة والفتنة والسطو بأعينهم على بيوت آمنة ؟!
))


----
وأما سؤالك هذا فاعتقد ان إجابته عندي..إنها من كتاب الله تعالى..

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات : 12]))

السر هو قلةإيمان هؤلاء الناس..

تحياتي

ودمت بعيدة عن السن واعين الفاسقين من شياطين الانس والجن...



إبن الايمان


عُلا الشكيلي يقول...

سلام الله يا لينا ، ورحمة منه وبركاته .
حضور أنيق كالعادة يا لينا .
وكلمات يقف الجمال أمامهاخجلا .

أيتها الرائعة ، قلتِ فصدقتي ،
هو مرض يا عزيزتي، ولعمري مرض القلوب أشد على المرء من مرض الأجساد.

نسأل الله أن يُنظف ألسنتنا وقولبنا من كل مرض.

شكرا يا رئعة .
حضوركِ جمال

عُلا الشكيلي يقول...

سلام الله عليك ورحمة منه وبركاته سيدي إبن الإيمان .

مرور مميز كالعادة أخي ،
أشكرك على إطراؤك العذب ، وبحق ممتنة لكلماتك هذه .

سيدي ، كما قلت انت ، لا يمكنني أن أضيف على كلامك اكثر .

كل الشكر لوقتك المتروك هُنا .
ودمت معتدل الفكر جميلا دوما .

نعيــ( الامير الصغير )ـــم يقول...

غلب طبعنا على انفسنا ، لا نجلس في مجلس او مكتب عمل الا فلان عمل كذا وفلانه فعلت كذا ، متى نتبع الطريق الذي وضعه الله عزّ وجل لنا بأن نحسن الظن فيمن حولنا حتى وان كانوا على خطأ فنحن ايضا نخطيء .. احيانا افضل ان اكون وحيدا بلا اصدقاء

حسنا سأقول لك شيئا اخت علا ، اذا جلست مع صنف من الناس يوصفون انفسهم باهل القبائل ترى السنتهم بذيئة ويتبعون عورات بعضهم البعض او اذا وقعت مصيبة لاحدهم يضحكون عليه وليسوا اهلا للتعاون
... وتعالي الى صنف آخر من الناس وهم ليسوا من اهل القبائل بل عائلاتهم واجدادهم سابقا هاجروا الينا ، تراهم مهتمين بكيانهم وتعليم ابنائهم وتجارتهم فاذا وقعت مصيبة لاحدهم او مناسبة زواج كلهم يقفون معه لذلك هم ناجحون

هذا هو الفرق عندما ينجح اناس اتفقت قلوب بعضها بعضا ، واخرون تمتليء قلوبهم حسدا وحقدا وضغينه

عُلا الشكيلي يقول...

نعيم ..
أولئك الذين كرت أعرفهم جيدا ،
سبحان الله ،صدق من قال "الاقرب عقرب" وبعض من يصفون أنفسهم بأنهم فوق البشر ، هم للأسف من يطيحون ببعضهم ، كما وصفتهم أخي ! وكأنهم يخشون منافستهم لبعضهم ! وهم ابناء جلدة واحدة !

الثقافة الحقيقة هي السبيل لقتل كل تلك الآثام في نفوس البشر .

نعيم ، مرورك إثراء أخي.
شكرا ألف شكر لهذا الحضور المميز دوما .

غير معرف يقول...

ماشاء الله جداً أعجبني طرحك اختي الغالية
وجداً راق لي أسلوبك المعبر والبليغ بحق

وللأسف أصبح هذا حال أمتنا الآن

كل يرمي ويقذف بيوت الناس بالحجارة متناسياً أن منزله من زجاج !

طالت الألسنة وقصرت السواعد !

لاينقضي يوم دون أن تقام جلسة كهذه تبث فيها كل أنواع السموم , وإن لم تكن جلسة كان الهاتف كفيلاً بتغطيتها !

اللهم طهر مجالسنا وطهر قلوبنا وعقولنا وألسنتنا يارب