الاثنين، 30 يونيو 2008

إطلالة لى وحي من التأمل

إطلالة على وحي من التأمل!!


ليس الأمر مجرد حبر بظلام الليل يكسو ورقة بضياء النهار.
إنما هو سرد خيال خطته أفكار التأمل في حياة مشحونة بالضجيج..
وكم يؤرقنا الضجيج بحق.

ولكن للضجيج كلمة هو قائلها تتعدى أعتاب الواقع ليسكننا الخيال في
فجر تأملي ينسدل على ظلام الليل فيكسوه أملا جميلا يداعب فضاء الكون.

منذ طفولتي وأنا والتأمل عاشقان.
ولا أدري ما سر شغفي بلحظات التأمل؟!
ولماذا كلما تشبعت ضجيجا أنسحبت إلى عالم التأمل الذي يسكنه الهدوء،؟
عالم الوجود اللا متناهي وتركت عالم متناهي في الصغر مكتظ بالضوضاء،
يصول ويجول في خرافات ونزاعات لا طائل من ورائها! تتصادم الأفكار فيه
محدثة دويا عميقاً في النفس وشرخا مزعجا بين حنايا الروح...

كل شيئاً يسكنه الضجيج والغفلة واليأس.. مثلث العذاب الروحي...
أوجدته أنانية مزعجة تمرغت في النفس حتى قيدتها...
يقول "كنت ووكر" في كتابه "مفتاحي للحياة":فقط في لحظات التأمل العميق
وعند تعليق وإيقاف الذات مؤقتاًً، أدرك لمحة من شيء آخر.أدرك "ذاتاًً" تختلف
كلياً عن الذات الأنانية فيحياتنا اليومية".

إذاًً فكل ذلك العذاب الروحي الذي يسكن العالم إنما
أساسه تلك المزعجة "الأنانية"...

أريد....؟؟ لا أعرف ماذا أريد ولما أريد؟؟!! المهم أنني أريد فحسب!!
قد أريد الراحة فلا يهم من أرهقهم في طريقي للحصول عليها!! وقد أريد إخلاء
نفسي من المسؤولية.. ولأثقل كاهل غيري بها... لا يهم مطلقا طالما أنني سأجد بالأخير
من أشير له بإصبعي إن حدث خلل فيما وكلتني إياه الحياة من مهام فالشماعة التي
اعلق عليها أخطائي دائما بحوزتي....

الأنانية المطلقة دائما الركيزة لكل ذلك العذاب.
"عذاب"؟؟؟!!!!!
مؤكد هو عذاب...
فالراحة التي تأتي على أكتاف غيري لا شك إنها عذاب مبطن..نعم هي كذلك.
ففي أعماق نفسي شيئا يشي بي.. قد أتمرد عليه للحظات وقد يسكنني الغرور
ولكنه يبدأ يتسرب رويدا رويدا من أعماقي إلى ظاهر أجزائي...

فقدأصاب بالحمى أو بحبوب صغيرة تشوه صفاء جلدي وتضع بصمة من العذاب
النفسي عليه. وقد قرأت ذلك مرة في كتب الجمال..أن "جلدك مرآة عواطفك" أعقبته
سطور تخبرنا بان " العلاقة بين الأمراض الجلدية والصراع الداخلي هي علاقة معقدة"!!
وليس الأمر يتقيد بالأمراض الجلدية فحسب بل كل الأمراض التي تعتري الإنسان .

حسناًً على رسلكم قليلاًً فبطبع ليس جميعنا ينال ذلك العقاب الجسدي. ببساطة لأنه عقاب
النفس للنفس فور إحساسها بالذنب.. وليس جميعنا سوف يشعر بالذنب. هذا مؤكد ولكن فلنكن
على يقين أن العقاب نازل بنا لا محالة..قد يختبأ لسنوات عدة بين حنايا أرواحنا ثم يظهر لنا فجأة
كالمارد الذي لا نعرف من اين اتى.. بسبب غفلتنا عن معاصينا..إنما انظروا إلى من عرف
من أين أتته المصيبة ولم يغفل ذنبه طوال أربعين سنة! ذلك أبن سيرين العالم الجليل.. ماذا يقول؟..
يقول: عايرت رجلا مرة بأن ناديته ب"يا مفلس" فأفلست بعدأربعين سنة.(أي أبن سيرين).
يا لعظمة ذلك العالم..لقد عرف بأي خطيئة أدركته المصيبة.

تأملوا كم نلاقي من مصائب في أولادنا وأموالنا وأنفسنا...أترانا أدركنا بأي
ذنب حلت بنا؟؟ مطلقا فنحن غارقون في غفلتنا.
أتعتقد حقاًً بأنك ناجي إن تشمت بمصيبة أحدهم؟؟ النجاة محال ولا بد يوما
من أن تلاقي جزاؤك! نعم لابد من ذلك. فقط تأملوا في أغوار الحياة. فقد يظلم
المرء وتحمل جيناته تلك المظالم ثم تفرغها في الأبناء بأن لا يجدون السعادة أو في
الأموال بأن لا تسكنها البركة. أو في النفس بأن تجهل على الدوام لذة راحة البال.
وصدق الله العظيم إذ يقول"وما أصابتكم من مصيبةفبما كسبت أيديكم".

ولكن لابد أن نؤمن بان بعض المصائب تنزل بالمرء لا لذنب أذنبه
ولكن ليزيده الله بها رفعة.

ليست هناك تعليقات: