الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

ذاكرة معطوبة !!

،
،
،
هل جربتم يوما ان تستيقظوا وأنتم مغمضو الجفن؟!
روحكم تحوم في المكان ، تلتقط الأصوات حولها ، وضوءها مكمما لا يزال يغط في سباته الطويل !

عجيب أن لا يطيل السكون سوى السكون ، بينما الجنون يمحي الوقت بين الامكنة ! ولا دقائق ننتظر أن تمر ، فهي تركض بنا بلاتوقف ، ولا تكف عن العبث بكل شيء فينا !

الزمن يمضي بنا بلا توقف ، حتى لا نكاد ندرك له ذكرى أو تحنيطا للحظاته التي مررنا فوق جثتها ! فلا نعود نذكر من أطيافه سوى وجوه مرت ذات ومضة ، من حيثُ نحن !

ألتقي بإحداهن ، في مكان مزدحم بالمرض ، فتظل تحدق في ملامحي ، أفكر أنا فيمن تكون تلك المصوبة ورود الفضول الجميل نحوي ؟!
أنكس نظراتي للأسفل ، وأرحل عبر خلايا ذاكرتي ، علي أتذكر من تكون ؟
ولا ذكرى تطل بحنينها لأهرب بها من خيبات النسيان المتلاحقة ، دائما ما أنسى الأسماء ، بالرغم من تذكري للوجوه!!
أوف ، كم اكره تلك الآفة فيني .
لابد أنها الآن ترميني بــ"المكتبرة " كعادة أغلب الأشخاص ، حي يحسنون الظن بذاكرتك ويسيئون الظنون بك!

إقتربت مني .. إبتسمتُ في وجهها ، وأنا لازلتُ أفتشُ في ذاكرتي عنها !
ولا أجد سوى ملامح مشوهه لها !
أسمعها تقول :"كيفك عُلا ؟ "
فتتسع إبتسامتي وأرد :"الحمدلله عزيزتي ، كيفك أنتِ"؟
فتجيب :"بخير. وتصمت.
ويصمت جنوني بداخلي ! وأركن إلى ثرثرة هادئة أخاطب بها ذاكرتي المعطوبة .
ترى من تكون هذه ؟!
أين إلتقينا ؟!



أبدأ برسم خيالات عدة ، في فضائي الذي لا يراه سواي ، وأفترض أننا إلتقينا ذات فرح ! وافكر طويلا ، ثم أغرق في تفاصيل وتفصيل المشهد ، لأحفظه عن ظهر ذكرى ! كي لا تُباغتني بسؤال عن يوم اللقاء المزعوم !
وأظل أحفر في ذاكرتي ، وأعبئ فراغات الحكاية بمشاهد اخلقها بنفسي وأنفخ فيها الروح ليبدو جنونها حقيقي النزق !

أذكرني جيدا ، كنتُ لا أكف عن الثرثرة في كل لقاء يجمعني ذات صدفة بأي يباس للمعرفة على رصيف ذاكرتي ، لأنثر عليه رذاذ فضولي ، وأجعله يورق رغما عنه .
ثم ما ألبث أن أضعه في ركن قصي بالذاكرة ، فلا أعود أتذكر شيئا !!
وكأنني أعبء بنهم المعرفة أوقاتي المثقوبة بالفراغات الكثيرة !

أثرثر ، وأسكب ثرثرتي من حولي ،مطرا يسمع وقع قطراته العابرون من ذات الزاوية .
تقابلتُ يوما مع إحداهن ، وكعادتي ، وضعتُ صورة لي على رف ذاكرتها ، ومضيت .
وبعد شهور عدة ، إلتقيتُ بها بصحبة صديقة أخرى ، وقبل أن تُهم صديقتي بتعريفي على قريبتها ، \كنتُ والأخرى قد إستقبلنا أحضان بعض ، وأمطرنا القبلات على الخدود، أذكر يومها أنني ضحكتُ على صديقتي الأولى كثيرا ، وهي تقول لي :"يالجنية ، حد ما تعرفيه "؟!
لترد عليها الأخرى :"ولو وهل يخفى القمر "؟!
وأمام روعة الروح الأخرى ، تتساقط نظراتي لتعانق الأرض على إستحياء .

الآن أنا أفتش عن ذات الروح ، التي شاكست كثيرا في السابق ، فأجدها مركونة بزاوية صمت ! أحاول مُجهدة أن أستحث جنونها ، ولكنه يبقى صامتا يثرثر بداخله فقط ، ولا يجروء على البوح !!

أقف قبالة تلك الفتاة ، وهي تحاورني وتسألني عن أحوالي ، وأنا أُثرثر عني بصمت ! ولا يجد الصمت ما يثرثر به عنها ، واظل حائرة ، أسأل ذاكرتي عنها :"من تكون هذه"؟!
أين إلتقينا ؟!
وكم أكره حين أكتشف أن بذاكرتي ثقوب عدة ، سربت الكثير من الوجوه عن طريقها !

يناديني الدكتور ، فأتركها بصحبة الفضول و أمضي بصمت يثرثر في المكان بلا توقف !
ترى من تكون تلك الفتاة ؟ أين إلتقينا ؟!
،
،
،


هناك 18 تعليقًا:

غريب الوقت يقول...

جف الحبر على ما طرح هنا ..
جميل ما خط وجميله تلك المشاعر..
رائع لا..
مدهشه لا..
بماذا اصف ما قرات ...
تذكرت شخصا من دوله خليجيه كنت اتابع لما ينثر ويكتب والان اشاهد خالدا اخرولكن من الجنس الاخر ..
علا ابدعتي فيما خطت يمناك..

محفيف يقول...

استمتعت بقراءة الجمل المتخمة بالصور الجميلة، استمتعت أيضاً لأني أعاني من نفس المشكلة.. لا أتذكر الأسماء بينما تظل الصورة في ذاكرتي طويلا.. وياما انحرجت..
برجع أقرأ مرة رابعة!
شكرا لك سيدتي العزيزة..

نهروان يقول...

السلامُ عليكُم

هَكَذَا هِيَ الْأُمُور تَنأَى عنّا في أَحوج مَا نَكُونُ إِلَيْهَا
وَ لَكِنْ حِينَ نَكُونُ في غِنَى عَنْهَا فَهِي تتَأَصَّل \تتَجَذَّر فِي مُخَيِلَتِنَا لَكَأَنَّا تتَعمَدْ إِغاضَتَنَا ^^
عمَّر الرحمنُ قلبَكِ بالإِيَمان

نعيــ( الامير الصغير )ـــم يقول...

انت لا تملكين ذاكرة معطوبة ، بل ذاكرتك كانت في تلك اللحظة مخزنة في الارشيف الخفي ولحظتها صعب عليك البحث عن المعلومة لانها بعيدة جدا وتحتاج الى وقت حتى تجديها ، عندما يغيب عنا من كنا معهم في الدراسة او العمل لعدة سنوات يصعب احيانا كثيرة تذكر اسمائهم فنجد احراجا مخجلا .. هذه الحياة لا ندرك المواقف التي نواجهها ، ولكن النسيان ايضا نعمة انعمها الله علينا .

ابدعت في سردك الواقعي

ابن الإيمان يقول...

السلام عليكم:
النسيان قد يكون نعمه
ولكن ليس دائما..
تحياتي
والى الامام

ابن الإيمان يقول...

للتنويه فقط:
عندما كتبت عبارتي السابقه
عن أن النسيان ليس دائما نعمه

لم يكن تعليق اخي الحبيب نعيم نزل

وهذا لا يعني انني اخالفه الراي
إنما هي سبحان الله ربما توارد أفكار بيننا

فهو أخ عزيز وكلكم كذلك

والسلام عليكم

مسرح الحياة يقول...

الاخت الفاضلة
طوقك جميل جدا ، قد نتعلم منك الكثير
النسيان نعمة ونقمة
متى يكون نقمة علينا اذا نسينا ان نحل الاختبار ، ومتى يكون نعمة عندما يغيب عن هذه الحياة من نحبه ونقدره ، نعم في حالتك يصبح موقفك حرجا ، ولكن ليعي الآخر عن المدة الزمنية التي تسببت في ذلك

مسرح الحياة يقول...

تنويه بسيط
(( ومتى يكون نعمة عندما يغيب عن هذه الحياة من نحبه ونقدره فيصعب علينا ان نفقده فالنسيان كفيل به ))

غير معرف يقول...

وكم أكره حين أكتشف أن بذاكرتي ثقوب عدة ، سربت الكثير من الوجوه عن طريقها !

خانك التعبير يا عُلا ،، لا تدعي الآخرون يحومون هنا بتنظيراتهم البعيدة عن المعنى الظاهر.
اعلم بك لم تحاكي مسألة أخرى غير تلك الفتاة التي أمامك ولكن أنت تملكيين حدود وخطوط عرفناها مذ ظهرتي في هذه المدونة ، ربما عكسي أنا بدون تلك الحدود .. قد يقدم الأخوان نحوك يوما مثلما حلوا ظيوف نحوي مذ اشهر ، فأنت في غنى عن أشباه البشر هؤلاء.

سعيد جدا بما قرأته فقط لا تقطعي تلك القريحة بمشرعك جله سعيد وجميل

عُلا الشكيلي يقول...

عبدالمتبصر .
مرحبا بك .
ولكن بصدق لم أفهم كلامك هذا؟!

لم أفهمه مُطلقا !!!!

عُلا الشكيلي يقول...

غريب الوقت .
لقلبك شكرا سيدي .
أسعدني مرورك العطر .

دمت بهذه الروح الرائعة .

عُلا الشكيلي يقول...

سعيدة بإستمتاعك بالقراءة يا محفيف .
أمر مُحرج بحق أن تنسى من يتذكرك .

شكرا سيدي .
مرور يشي بالفرح .

عُلا الشكيلي يقول...

نهروان .
اهلا أختي بهذا السكب الجميل .
سُعدتُ جدا بتواجدكِ هُنا .

دمتِ بحب

عُلا الشكيلي يقول...

نعيم .
تحليل جد رائع وعلمي .
فعلا كما قلت ،

أنحني غجلالا لهذا المرور سيدي.

دمت بروح طيبة

عُلا الشكيلي يقول...

إبن الإيمان .
بداية ابارك لك مُدونتك سيدي .
وجعلها الله عامرة بالحسنات .
وفي ميزا أعمالك أيها القلب النقي .

فعلا سيدي .
ليس كل نسيان نعمة .

دمت بروح العطاء سيدي

عُلا الشكيلي يقول...

مسرح الحياة .
مرحبا بك سيدي .

فعلا كما ذكرت سيدي .
النسيان احيانا يكون نعمة واحيانا نقمة .


دمت بهذه الروح الجميلة سيدي

غير معرف يقول...

جميل ماسطره قلمك المتزن
أحيانا لا بل كثيرا!! ماأمر بهذه المواقف المحرجة التي خلفت بعدا بيني وبين صديقاتي ومعارفي
يبدو أننا نميل إلى ركن الذاكرة في أقصى زاوية من العقل
وأجل النسيان نعمة لكن ليس إلى هذه الدرجة دمت بخير وعافية على هذه السطور الراقية

غير معرف يقول...

ذاكرة معطوبة
..................
اخذت جولة كبيرة اسلوبك مميز للغاية وواضح تأثر كبير جدا باحلام مستغانمى فى سائر كتاباتك لكن ليس نقلا عنها وإنما ابداعاً بهذا التأثر