الثلاثاء، 8 يونيو 2010

لذة الشعور بالإنتماء

حين كُنتُ صغيرة ، لم اكن أعي معنا للشعور بالإنتماء ، لكني كنتُ أُفكر كثيرا بالأمر ، حتى أخرج بقناعة أن الحياة حياة ، أينما كانت ، وليس الإنتماء سوى أسرة تضمنا في أي بلد كان !
،
كبرتُ وكبر مفهومي للــ"إنتماء " وأنا أُشاهد في التلفاز نساء يبكين الوطن ، وأطفال شردهم الإحتلال ، فتدمع عيني ، وأبكي بحرقة الطفولة ، ليجيئ اليوم التالي ، وانا أسأل المعلمة عن كلمة "إنتماء" وعن معنى "الوطن"؟! فتشرد هي مع أسئلتي ، وتحكي كثيرا ، وتفسر وتُقرب لي المعنى ، وأسألها ببراءة الطفولة :"لماذا يحاربون؟! لو يتركوا لهم كُل شيء ويُهاجروا ،الأرض مُتسعة جدا ، لماذا يصرون على أن يسكنوا أرضا واحدة ويلاقوا فيها كُل ذلك العذاب ؟!
وتستمر طفولتي بالعبث بالمعاني ، وأنا اقول :"لو كُنتُ مكانهم لتركتُ لهم كُل شيء وهربتُ مع أسرتي ، فالمهم أن يكون لي بيت وليس مهما في أي مكان من هذه الدُنيا يكون !!
،
حين كبرت، سخرتُ جدا من افكار طفولتي ، وأدركتُ أن وطني يعني دمي ، يعني هويتي ، يعني وجودي ، أصبحتُ أنظر إلى الثرى تحت قدميّ المارة ، وأنا أتمنى لو أستطيع تقبيله ، حين تنتابني لذة الشعور بالإنتماء !
،
نعم ، أدركتُ بعد عُمر ، انني أهوى تراب بلادي، بل أعشقها حد الثمالة ، حين قالت لي إحدى الوافدات :"أنتِ مُش عُمانية " تُريد بقولها ذاك مدحا ، لكني إعتبرته إهانة ، فقلتُ وانا أُعدل من جلستي وأنصب قامة رأسي للأعلى :"أنا عُمانية ، أبا عن جد ، وجدود جدود جدودي ، عُمانيين ، لي جذور هُنا في عُمان ، مغروسة بقوة في تربتها ، وستنمو ذات يوم أغصان لي تعطي ثمرا جميلا ، مثلما كنتُ أنا ثمرة في هذه الشجرة الأصيلة :"عُمان " ..... حتى ضحكت مُحدثتي وقالت :" شوي وبتقولي شعر "! قلتُ :"ذاك قليلا في حق عُمان ، ولو لم أكن عُمانية لوددتُ ان أكون عُمانية .
،
الوطن ، نعمة من نعم الله للبشرية ، والشعور بالإنتماء ، هو شعور باللذة الروحية الجميلة ، ومهما كانت وطن المرء تغرق في الضياع إلا أنه يظل يحن لها ، ويبكي شوقا إليها !! إنه الوطن ، ومن لا وطن له فهو شريد ، ضائع ، مُعذب بلا شك .

هناك 4 تعليقات:

نعيــ( الامير الصغير )ـــم يقول...

عندما نسافر الى مكان آخر غير بلادنا يظل قلبنا وعقلنا مشغولا بالوطن والاهل والاصدقاء ، نشتاق اليه كثيرا لانه المكان الذي فتحنا اعيننا عليه وتنفسنا هوائه ونمنا فوق ترابه .. ليس السفر عيبا فله فوائد ، ولكن ان تظل مدة طويلة خارج الوطن صعب جدا ، الذين يدرسون في جامعات الدول الاخرى لمدة من السنوات هاجسهم الوطن ولولا رفقة من ابناء بلدهم لزادهم الما كثيرا

الوطن الان للاسف اصبح موجا ومدينة زرقاء ، ذلك المكان الجميل عند شاطيء البحر توجد جدران اسمنتية يسكنه الغرباء ، ولاننا نشعر بتراب الوطن يؤلمنا كثيرا ان تصبح تلك المناطق ممنوعة علينا باسم السياحة ، فهي تنتمي لنا ونحن ننتمي لها

بورك قلمك من اجل عمان

عُلا الشكيلي يقول...

الوطن أكبر من مجرد سكن_
هو شعور يرتقي ناحية الفخر_
حتى الطيور تحن إلى أوطانها_

الوطن شيئ مقدس وإلا لما كان من يموت مدافعآ عن وطنه في عداد الشهداء_

نعيم_لقلبك وطن الحب دومآ_

غير معرف يقول...

عذراً سأحطُ بجناحيّ حَروفي هنا قليلاً لأطبع حبراً

اشتقت للتواصل ..تفهمين ما أعنين :)

الإنتماء كلمة ليس لها حدود

فهي الوطن بحد ذاته وكلمة غفيرة بالمعاني

لا يدركها إلا من تتسم روحه بالشفافية

التي تلامس المقارنات الحقيقية بين

الواقع بشفافية وبين الترفع عن

الواقع الذي لا ينتمي للسلام والأفضل من الإنحناءات

الأخرى التي تجرف البعض إلى التقوقع في قيعان الغربة

شكراً لروحك العذبة وطراز مدونتك الجميلة

عُلا الشكيلي يقول...

الشكر لجناحيك إذن ، إذ حطت هُنا تقرأني .

الشعور بالإنتماء ، يعني -لدي- أنني أهوى التراب الذي منه نُسجت روحي ، ليس مهما كيف يكون ذاك التراب ، ولكنه بالأخير أنا ، وأنا هو .

الولاء ، يكون دوما للأصل الذي منه ننبع ، ومن لا أصل له لا ولاء له .


الغربة لا موقع لها من الإعراب في قاموس هويتي .

دمت ألقا أيها السيد