الأربعاء، 16 يوليو 2008

التأمل طريق الإبداع




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ


التأمل...... طريق الإبداع

العلم حين يسانده الايمان، فإنه يعمل على إجلاء الحقائق، وينير العقل بها، ومن هنا تأتي أهمية الثقافة الدينية من أجل بناء الحضارة،
فكل قوم يعتنقون دين معين، نرى أن أغلب ثقافتهم متربطة بمعتقدات دينهم ذاك، وبُنيت بالتالي حضارتهم على نهجه.
ومن تلك الاديان ما يحارب الفكر، ويغضبه التأمل ويبقى على معتقدات غريبة لا أساس لها من الصحة، تعمل على جمود الفكر وركود الحضارة. على عكس ديننا الحنيف، الذي أمرنا بإستخدام العقل، وإستحضار لحظات للتأمل من أجل الوصول إلى حقائق إيمانية مؤكدة. فالايمان يعني اليقين و ليس مجرد إعتقاد أو معرفة ظنية.

وحين ياتي الدين بمعتقدات لا تتوافق مع الفكر، وبحقائق ينبذها المنطق، -كما في الديانات الوثنية-
فإنه لابد من دحض تلك المعتقدات يقينا، بإعمال العقل بها، والتأمل في فصولها.
لذلك فإن الكثير من المفكرين وصلوا بفكرهم، وتأملهم إلى حقائق إيمانية يساندها العلم،
فالتأمل والتنويرالايماني، يؤدي إلى إثراء الثقافات وتجدد المعرفة ، لدى الشعوب،وبالتالي تنوير العقول،حتى تستبين الصواب من الخطأ. وتنتج شخصيات سوية. تستطيع أن تقود الحضارة كما ينبغي.

فمن أجل الوصول إلى حقائق إيمانية مؤكدة، في جل الأمور حولنا، كان لابد من نظرة تأمل فاحصة، وإعمال العقل في تلكم الامور، وهذا بالضبط ما أمرنا به الله تعالى، مرارا وتكرارا.
ذلك لأن المعرفة بالشيء وحدها لا ينتج عنها حضارة،أو رقي بالبشرية وعمارة الارض. إنما ستعمل على الركود والجمود الحضاري. والابقاء على ما وصل غليه الاولون دون حراك.
إذ انه لابد مع المعرفة من إتباع الفكر للوصول إلى حقيقة ما والحقائق الاخرى المرتبطة والمتعلقة بها. لذلك فأنه لا فائدة مطلقا من إستمرارنا في تعلمُ إبداعات من قبلنا، وترديد مقولات الاولين دون ان نحاول أن نستلهم ونقتبس منها أفكار جديدة.

فنحن كعرب كنا في ركب الحضارة الاولى، حين كان إعمال الفكر لدينا حاضرا، إلا اننا اليوم في ذيل القائمة،

وما أدل على ذلك من قول احمد أمين/ في كتابه" الشرق والغرب"
حين قال:"لقد عاش الشرق فترة جمود طالت، حتى أعتقد البعض أن الجمود خاصة من خصائصه، وقفت الحياة على ما وصل إليه الاولون فلا تقدم ولا تجدد، النحو والصرف الآن هما نفسهما نحو سيبويه وصرفه، وموضوعات الادب هي بعينها موضوعات الادب التي قال بها الأولون، وأوزان البحور هي نفسها تقريبا الستة عشر التي عرفها الخليل"!!

ما جعلنا في آخر ركب الحضارة، بعد أن كنا في المقدمة بلا منازع،
هو أننا أبطلنا إعمال الفكر، وتركنا أكثر مقوماته، وهو التأمل،

فكل شيء ننتظر أن يصل إلينا جاهزا دون عناء فكر.!!
عُلا الشكيلي


مقال نُشر لي اليوم الاربعاء الموافق 27/8/2008 بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبية

ليست هناك تعليقات: