حبي للأطفال يجعلني وإن ساءني فعل أو أمر منهم ، فإنني أُهدد بالضرب ولا أفعل، وفي كثير من الأحيان ينتهي التهديد بالعصبية المهترئة بالإبتسام المضحك الذي أكتمه مُرغمه.
وإذا ما حصل وزعل احدهم من تهديدي له أو صراخي عليه ، فما ألبث أن أعود لملاطفته وتهدئته لإفهامه خطأه الذي أجبرني على فعل ما فعلت.
أجدني أمام الطفولة وروعتها لا أقوى إلا على ان اكون ضعيفة هشة ، بالرغم من صراخي المُتطاير في المكان ، وفي آذانهم ، ذات فوضى ، فينظرون إلي وفي أعينهم خوف مكتوم ، فيضحكني منظرهم وأبتسم.
يلهب ذلك غزيرتهم الطفولية ناحية مزيد من الفوضى مُجددا.
فأبعث تهديدي لهم مرة أُخرى وأنا أتصنع الحزم هذه المرة ، فيتمثلون لأوامري بالرغم من أنني لا أمسك عصى ، ولا أرفع يدي لتقع عليهم إلا بحذر شديد،
مع ذلك ، أسمع أختي كلما إفتعل إبنها بعض الفوضى أو تأمره فلا يأتمر بأمرها تُهدده بانها ستخبر خالته "اي حضرتي"
فأبتسم ، للفوضى التي يُحدثها ، وأحاول أصوب له نظرتي وهي جافة من اي إبتسام أو بإبتسامة مواربة .فلا أقوى سوى أنن أبتسم وأنا أنظر إليه.
فينظر إلي بخجل ، ويهدا قلي فأقول :"
مُعتصم ،حبيبي ، ليش إنت فوضاوي كذا؟
فيجيب بإبتسامة وكأنه يعتذر لي بها،
بيني وبين إبن أُختي ذاك ، إحترام كبير ، بالرغم من سنه الصغيره تلك، التي لم تتعدى الخامسة إلا ببضع شهور .
تشتكي لي أمه مرة أن لدديه هوس التسلق الغريب ، عللت لها ذلك بانه مُعجب جدا برجل العنكبوت ، الكرتوني لذلك يُقلده!
قالت:"ولكننه يفعل أشياء خطرة ، تُصدقين مرة نزل من الطابق الثاني إلى الطابق الأرضي عن طريق " البلكونة"!
ضحكت وقلت :"معقولة"؟!
قالت ، صدقيني لا اعرف أتعامل معه؟! أتعلمين رأيته يقفز من جدار لآخر فنصحته بأن لا يفعل ذلك لأنه خطر !
رد علي بكل ثقة:"أنا عندي مهارة المفروض أن تفخري بي ، وتشجعيني ، ما تصرخي علي كذا!!!
قلت لها :"إلحقيه بمعهد لتعلم الفروسية ، فهناك سيستغل موهبته هذه بالشكل الصحيح.
&&&
"
ريم " إبنة أُختي ، كانت صائمة هذا العام ، وهي لم تكمل الثامنة من عمرها بعد،
كُلنا كُنا نُشجعها .
أخوالها كانوا يتعمدون أن يثيروا صراخها في المكان ببعض مشاكساتهم لها. فتبدأ بالصراخ عليهم والزعل والنعيق والمُصارعة حتى. وهي صائمة ، مما يجعلني أُشفق عليها .وأهدأ من روعها.
ولكن احد أخوالها لا يجوز عن طبعه، هو هكذا دائما ، يفتعل الفوضى مع الصغار ، فبشاكسهم كأنه قريب من عمرهم !
"
ريم" شخصية ذكية جدا ، جميلة ، وقوية ومُتسلطة أحيانا ، ثقتها في نفسها بلا حدود، بأمانة تعجبني جدا شخصيتها ، بالرغم من أنني أحيانا حين يثور غضبي من بعض تصرفاتها أُسدد إليها بعض التوبيخ الحاد، ولكها لا تأبهه بشيء من ذلك.
كُلما إلتقت بخالها "......."وشاكسها ببعض الحركات الفوضوية ،تصرخ وتبكي ، وتشبعه ضربا بأياديها الطفولية الجريئة.
وهو يضحك من تصرفاتها فيزداد حُنقها ، ويزداد صراخها المتطاير في أذنه ،فينهرها ممازحا بشيء من الجدية ، تذهب إلى جدها أو أمها وهي تشتكي من خالها ، وتُطالبهم ان يأخذوا حقها منه وان يضربوه!!!!
يضحك الجميع عليها، فتثور أكثر من ذي قبل ، وتقولها مرارا:"أكره خالي أكره أكره"!!
بالأمس حضروا إلى منزلنا وخالها كان في عمله لم يأتي إجازة هذا الأسبوع، فرأيناها تسأل عنه بإلحاح شديد،
علقتُ أنا :"القط ما يحب إلا خناقه".
فشرعت تسألني عن معنى العبارة ومن أين جئت بها.؟
قلت لها :"من التلفاز"
نظرت إلي مستغربة :"أنتِ ما تشوفي تلفزيون أصلا"
قلت ُ:" الكلام يا عزيزتي ريم لا يُرى وإنما يٍسمع"
فأنا سمعتُ تلك العبارة من التلفاز ولم أشاهدها .وإنعطفت شفتاي بإبتاسمة ناحيتها ، تحمل الكثير من السخرية .
ضحكت وعلقت، صحيح خالوه شرحي لي معنى"فيلسوفة"؟!
قلت :كيف قفزت هذه الكلمة فجأة في ذهنك؟
قالت لم تقفز فجأة بل كلامك ذكرني بخالي"........" سمعته مرة يقول:"عُلا تتفلسف في كلامها"!
قلتُ لها :"فقط كان يمزح. لأنه كان مُتضايق مني .
لكن أنا أريد أعرف خالوه معنى "تتفلسف"؟!
قلت :حقا لا أُجيد فلسفة الكلمة ، فهي أكبر من أن أصيغها بعبارات. أو أضعها في جملة إنشاءية.
&&&
"
حنين " إبنة أخي، طفلة ربي يحفظها جميلة ، ذكية جريئة ذات شخصية قوية ، دلوعة طبعا ، كالبقية ،يقولوا أنها "عُلا الصغيرة" ليس في شكلها فحسب وإنما في تصرفاتها وشخصيتها أيضا! مع إني لا اراها تُشبهني .
ولكن كل عين ولها نظر، سبحان الله ، حتى أبي يُناديها :"
عُلا ".
"
حنين" تسأل عن كل شيء، كل شيء عندها لابد أ يُناقش، فلا يمكن أبدأ أن تُعطيها معلومة مُبهمة ، لابد لها أن تفهم كل معلومة تُلقى على أُذنها!
معلماتها في الروضة يمتدحنها جدا ، ويعتمدن عليها في إفهام بعض طلاب صفها أحيانا
كُنا مرة نتذكر جدتها "أمي " رحمها الله، فسألتنا "جدتي الحين مع الله فوق"؟
قلتُ لها نعم .
قالت :"خطأ، الله فوق وإلي يموتوا يدفنوهم تحت الارض ، كيف يروحوا فوق؟!
قلتُ لها ، الأجساد هي التي تُدفن ولكن الروح تصعد لخالقها،
قالت كيف؟
قلتُ لا ادري كيف أشرح لكِ ، أنتِ ما زلتِ صغيرة ،
أنا ما صغيره عموه، أنا السنة الجاية بروح صف اول ، خلصت تمهيدي خلاص.
تُخبرني وكانني لا أعلم ذلك.
إلهي ، كيف أتخلص من اسئلة هذه الصغيرة ؟!
المشكلة ان أُختي ، وزوجة اخي يقلن لي أن "
ريم وحنين "
طالعين علي ، لأني أنا كنت كذا لما كنت صغيرة!!
قلت:ربما .