شيئا ما كان يدور حول خلايا أدمغتي أجراس يؤرقني رنينها،
والعجيب أنها لا تأتي إلا وقت نومي،
توقظ فيني شهوة جامحة للكتابة، تجبرني
على ترك وسادتي، والتسمر خلف جهازي المحمول!
كم يربكني كل ذلك، كيف لي بمقاومة شهوة
الكتابة تلك؟! وكيف لي بإقتناص تلك الأفكار التي
تراودني عن نفسها كل حين، هي لا تأتي إلا حين
تكون روحي مغيبة، في شبه إغماءة قدرية!
ربما لأنها تدرك ان الروح التي تستيقظ بنصف إغماءة،
لا يمكنها أن تطارد خيالا كأفكاري تلك!
لذلك كانت تنام بقربي، تشاكسني بأحاديثها التي لا تنتهي،
وحين استيقظ للإنقضاض عليها،اجدها قد لاذت بالفرار!
أمتلئ سخطا عليها، وأعصب رأسي بقوة، كي امنعها
من معاودة المجيء والعبث بخلايا أدمغتي مجددا،
همستُ، كمن يستعطفها:"إن موعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟!
تُصر هي بزن طويل على رأسي:
"لليل حكايات مختلفة ، لا تشبه حكايات النهار " ،
- أدرك ذلك، وأدرك أيضا ان الحلم بين زواياه لم يأتي عبثا،
بل هو صورة مواربة لحقيقة اطماعنا ونوايانا ، كما ادرك
أنك تنتعلين الخبث ، وتحثين الخطى إلى دواخلي، ربما
لتشاكسين روحي، وربما لتعبثين بخلايا فكري، وربما
لتجعلينني اتصبب عرقا من غواياتك المتكررة ،
للمارسة شهوة السطو على سطح ورقة!
ليس لدي من الحبر الآن ما يساعدني على غواية ورقة،
من أن اجل أن تفرد لي نفسها ، لأمارس على حوافها
تراشق الافكار، وبعثرة الحروف،لذلك أنصحكِ بالإبتعاد ،
ومعاودة المجئ صباحا، ففي الصباح كل حواف الورق
شديدة الإنبساط ، وكل محبرة هي على إستعداد تام للممارسة
الرقص فوق حواف ورقة كنوتة موسيقية بالغة الدقة.
-ربما، ولكن الحلم لا يأتي نهارا، إنه رذاذ فكر لا يمكنه الصمود
في عين الصبح الفاضحة، خشية الإفتتان بسخرية الواقع،
التي حتما سترغمه على الإنصهار فوق رصيفها الحارق.
هناك حكايات لا يمكن للنهار ان يرينا أطيافها الضوئية ،
لانها ستتلاشى حتما في وهج النهار، ولن نتمكن من
سماع همساتها الخافتة، بسبب الضجيج المتوشح
بالأصوات المختلفة المتصاعدة في سماوات العبث البشري.
يالا حيلك التي لا تنتهي!
أُدرك تماما أن للعقل البشري عينا ثالثة، لا تشبه
تلك المزروعتان على جانبي القدر، مهمتها التلصص
على ما وراء حكايات القدر المبعثرة على رصيف أعمارنا ،
هي حتما شديدة الحساسية للضوء، لذلك لا تقرأ أبدا ولا تبصر
إلا في عتمة الهدوء، وسكون الليل.
لذلك نجد أكثر المفكرين والمتأملين لا يجدون زاوية أفضل
من عتمة ليل، يسكنون إليها ليقتنصون فلسفتهم في الحياة.
ولكني مغبونة بالتعب الآن، مقهورة به، عيناي ثقيلتان ،
اثقلهما جري النهار ، برمشاته المتكررة على طرفيها،
عاوديني صباحا، الصباح مليئ بالإشراقة التي
ستتكفل حتما بنسج كل تلك الحكايات ، وبسطها على سطح ورقة.
- ظلت تزن على رأسي، أُدرك جيدا أنها لن تتكرني وشأني،
يبدو انه لا مجال لكبح جماح شهوة الكتابة تلك،
لعنت إبليس، وتناهضت بتثاقل شديد... فتحت جهازي
المحمول، وبدأت العزف بطقطقات متلاحقة
على لوحة المفاتيح حتى إنبلاج الصباح.
عُلا الشكيلي
*سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة
والعجيب أنها لا تأتي إلا وقت نومي،
توقظ فيني شهوة جامحة للكتابة، تجبرني
على ترك وسادتي، والتسمر خلف جهازي المحمول!
كم يربكني كل ذلك، كيف لي بمقاومة شهوة
الكتابة تلك؟! وكيف لي بإقتناص تلك الأفكار التي
تراودني عن نفسها كل حين، هي لا تأتي إلا حين
تكون روحي مغيبة، في شبه إغماءة قدرية!
ربما لأنها تدرك ان الروح التي تستيقظ بنصف إغماءة،
لا يمكنها أن تطارد خيالا كأفكاري تلك!
لذلك كانت تنام بقربي، تشاكسني بأحاديثها التي لا تنتهي،
وحين استيقظ للإنقضاض عليها،اجدها قد لاذت بالفرار!
أمتلئ سخطا عليها، وأعصب رأسي بقوة، كي امنعها
من معاودة المجيء والعبث بخلايا أدمغتي مجددا،
همستُ، كمن يستعطفها:"إن موعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟!
تُصر هي بزن طويل على رأسي:
"لليل حكايات مختلفة ، لا تشبه حكايات النهار " ،
- أدرك ذلك، وأدرك أيضا ان الحلم بين زواياه لم يأتي عبثا،
بل هو صورة مواربة لحقيقة اطماعنا ونوايانا ، كما ادرك
أنك تنتعلين الخبث ، وتحثين الخطى إلى دواخلي، ربما
لتشاكسين روحي، وربما لتعبثين بخلايا فكري، وربما
لتجعلينني اتصبب عرقا من غواياتك المتكررة ،
للمارسة شهوة السطو على سطح ورقة!
ليس لدي من الحبر الآن ما يساعدني على غواية ورقة،
من أن اجل أن تفرد لي نفسها ، لأمارس على حوافها
تراشق الافكار، وبعثرة الحروف،لذلك أنصحكِ بالإبتعاد ،
ومعاودة المجئ صباحا، ففي الصباح كل حواف الورق
شديدة الإنبساط ، وكل محبرة هي على إستعداد تام للممارسة
الرقص فوق حواف ورقة كنوتة موسيقية بالغة الدقة.
-ربما، ولكن الحلم لا يأتي نهارا، إنه رذاذ فكر لا يمكنه الصمود
في عين الصبح الفاضحة، خشية الإفتتان بسخرية الواقع،
التي حتما سترغمه على الإنصهار فوق رصيفها الحارق.
هناك حكايات لا يمكن للنهار ان يرينا أطيافها الضوئية ،
لانها ستتلاشى حتما في وهج النهار، ولن نتمكن من
سماع همساتها الخافتة، بسبب الضجيج المتوشح
بالأصوات المختلفة المتصاعدة في سماوات العبث البشري.
يالا حيلك التي لا تنتهي!
أُدرك تماما أن للعقل البشري عينا ثالثة، لا تشبه
تلك المزروعتان على جانبي القدر، مهمتها التلصص
على ما وراء حكايات القدر المبعثرة على رصيف أعمارنا ،
هي حتما شديدة الحساسية للضوء، لذلك لا تقرأ أبدا ولا تبصر
إلا في عتمة الهدوء، وسكون الليل.
لذلك نجد أكثر المفكرين والمتأملين لا يجدون زاوية أفضل
من عتمة ليل، يسكنون إليها ليقتنصون فلسفتهم في الحياة.
ولكني مغبونة بالتعب الآن، مقهورة به، عيناي ثقيلتان ،
اثقلهما جري النهار ، برمشاته المتكررة على طرفيها،
عاوديني صباحا، الصباح مليئ بالإشراقة التي
ستتكفل حتما بنسج كل تلك الحكايات ، وبسطها على سطح ورقة.
- ظلت تزن على رأسي، أُدرك جيدا أنها لن تتكرني وشأني،
يبدو انه لا مجال لكبح جماح شهوة الكتابة تلك،
لعنت إبليس، وتناهضت بتثاقل شديد... فتحت جهازي
المحمول، وبدأت العزف بطقطقات متلاحقة
على لوحة المفاتيح حتى إنبلاج الصباح.
عُلا الشكيلي
*سبق نشر المقال بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة