الأربعاء، 26 أغسطس 2009

تدرع حُسن الخُلق بالفطنة

تدرع حُسن الخلق، بالفطنة.

كثيرا ما نُخطئ في حق أنفسنا من حيثُ لا ندري، بل أننا نُخطئ لفرط ما نريد الصلاح.
أحيانا نخطئ حين نوغل في المثالية أثناء تعاملاتنا اليومية مع من حولنا، وأحيانا نُخطئ حين نُصر على أن نقرأ الآخرين من زاوية فكرنا، فترانا دائما ننظر لهم بعين طباعنا، لذلك نضع أحيانا ثقتنا فيمن لا يستحق الثقة.

نُخطئ أحيانا حين نظن ان التواضع يجب أن يكون السمة الأساسية في جل تعاملاتنا مع الآخر، وليس التواضع ما يجعلنا نُخطئ، فالتواضع صفة أجلها الله، ورفع من شأنها ، ولكن الطريقة التي نقرأ بها حقيقة تواضعنا بين يدي الآخر هي ما تجعلنا في دائرة الإتهام، وأننا نرتكب حماقة في حق أنفسنا.

قرأتُ مرة إعتراف لأحد الكتاب يقول فيه:"علمتني الحياة، أن لا أتواضع لمن لا يستحق التواضع"!
ساعتها لم أكن قد وعيتُ الكثير مما وقع في وعي ذلك الكاتب، لذلك وجدتني أُعيب تصريحه ذاك في داخلي، وأقول، هو حتما يجهل قيمة التواضع.
إلا أنني وبمرور الوقت ونضج الوعي فيني ، أدركتُ السبب الذي جعله يُصرح بذلك الكلام علنا، ودونما خوف بأن يُفهم كلامه خطأ.

ليست كل القلوب بعرف خُلق واحد، ولا كلها تُدرك الحقائق الكامنة في حقيقة النوايا الماكنة فينا كمشاعر جميلة لا تتوقف عن التدفق.
هناك أشخاص لفرط تعجرفهم لا ينفع معهم خلق التواضع، ولا ينبغي لعزيز النفس ان يتواضع لمتغطرس جاهل، لأن إظهار خُلق التواضع للمتعجرفين، وأولئك أصحاب المشاعر الغبية، إنما هو جهل و إذلال للنفس، وما ينبغي أن تُذل نفس مؤمن لمن لا خُلق له. ولعمري ليس بأشد على نفس المؤمن ، من أن تُذل أمام قلوب وضيعة، لا تفقه شيئا من رقي الأخلاق ولا نُبلها.

تماما كما هو الحال مع الطيبة، التي تعرش في الكثيرين من أصحاب القلوب البيضاء، والتي بسببها تجدهم يثقون في كل من حولهم ثقة عمياء، قد توقعهم في المهالك.
قد يقول قائل، ان سذاجتهم هي التي اوقعتهم وليست طيبتهم،
ذلك صحيح، لذلك فالطيبة لا يجب ان تكون مفرطة، كي لا تتحول إلى سذاجة، توقع صاحبها في جُب المهالك.
قد لا ندرك كل ذلك، إلا بعد جم من التجارب الحياتية ، والتي توجب علينا معاشرة الكثير من أصناف البشر، لمعرفة طبيعة النفس البشرية والتي لا يمكن أن نستقرأها من مجرد تعاملات سطحية.
غير أن التعامل السطحي، نحتاجه لدرء الكثيرمن المطبات التي قد نقع فيها حين تعاملاتنا مع أصحاب القلوب الضعيفة والنفوس الموغلة في الاحقاد والآثام.

همسة:
التواضع لا يعني الخنوع، كما أن الطيبة لا تمنع التدرع بالحذر حين تواصلنا مع الآخر.

عُلا الشكيلي.
سبق نش المقال في ملحق آفاق الثقافي التابع لجردية الشبيبة

الأربعاء، 19 أغسطس 2009

الكتابة بالعامية

الكتابة بالعامية

لغتنا العربية عامرة بالكثير من المفردات الجميلة، وهو ما يميزها ربما.
كونها تُمكننا من إستخدامات شتى للمفردة الواحدة، وتمكننا كذلك من إختيار المفردة الجميلة والمحببة، ذات الطابع الأدبي أحيانا، أو كتابة الكلمة كيفما هي متعارف عليها في قواميس اللغة، كي تكون سهلة لدى عامة القراء.

بأي هيئة تأتي بها المفردة في لغتنا العربية، فإنها بلا شك ستبدو جميلة، مادامت تأتي بثوبها الحقيقي، وبمعناها المتعارف عليه، وقد تبدو أجمل لدى الأدباء ومتذوقي اللغة، إذا ما أتت صعبة المراس، متعمقة المعنى ، مغمورة بالجمال الأدبي.
مع ذلك فهناك بعض المقالات التي تأخذ الطابع الشعبي أثناء الكتابة، بما تُسمى بالمقالات الشعبية ، والتي تاخذ لها أعمدة جميلة في بعض الصحف.

وفي بعض الأعمال الأدبية، كالرواية مثلا، تتداخل المفردات العامية ، التي تعطي بعض الخصوصية والجمال للعمل الأبي ، كون أن بعض الحوارات بين شخوص الرواية لابد وان ياتي بطابع عامي بحت، تُقرب القارئ من شخوص وأحداث الرواية اكثر وتشعره بخصوصيتها اكثر، وبذلك يقترب المعنى إلى ذهن القارئ.

إلا أن البعض أحيانا و بشيء من الجهل في معنى المفردة، يعمد إلى حشر كلمة عامية في نص كُتب بلغة أدبية بحتة، ولا يفطن إلى أن قواميس العامية لا تتوافق احيانا مع مفردات اللغة الأم. مما يتسبب في خلل واضح بالنص الأدبي.

فمما لا شك فيه، ان الفرق شاسع بين أن يُكتب مقال بلغة شعبية ، وبين أن تُحشر كلمة عامية دخيلة على نص أدبي ، فالمقال ذو الطابع الشعبي يأتي باللغة الشعبية منذ بدايته إلى نهايته، فيكون بذلك جميلا راقيا بجمال ووضوح المسار الذي كُتب به. أما النص الادبي فهو بلاشك بحاجة إلى أن يكون بفس المسار الادبي الذي كُتب به منذ البداية ، كي لا يختل توازنه او مساره الادبي.

قرأتُ مرة في صفحة ثقافية بأحد الجرائد، نص أدبي بحت، ادرج كاتبه مصطلح "طلعتُ من الغرفة" يريد منه " "خرجتُ من الغرفة "!
إلا أن معنى كلمة "طلعت" في قواميس اللغة جميعها ،هو "أشرقت" أو "ظهرت"

فكيف ستعبر تلك الكلمة العامية إلى ذهن القارئ بسهول؟! و النص كان من بدايته إلى نهايته ، أدبي بحت، كتب بلغة أدبية، ثم تأتي تلك الكلمة لتكون كالنكتة السوداء في قلب البياض!
صحيح ان سياق الكلام سيظهر للقارئ المقصد الحقيقي من الكلمة، و لكن
تداخل تلك الكلمة العامية وحشرها حشرا بين كلمات النص ذو الطابع الأدبي، بلا شك ستعمل على الإخلال بجمالية النص ، وتفقده مساره الأدبي، فيفقد الكثير من روعته بفعل تلك الكلمة التي لا ندري من أين جاء بها الكاتب ؟! ولا بأي ذريعة؟
عُلا الشكيلي
سبق نشر المقال في ملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الأربعاء، 12 أغسطس 2009

الأقنعة بين التجمل ، وسفور التملق

الأقنعة ، بين التجمل، وسفور التملق.

التجمل مع الناس، يسلك طريقين،
إما تجمل من أجل بث روح الجمال،
في النفس البشرية،وغرس إبتسامة مودة بين القلوب
المتلاقية ذات تجمع ، يرسل الكثير من إشارات الحب والمودة ،
ووأد البغضاء، وأنتكاستها، كي لا تقوم لها قائمة ، بعد ذلك.
وإما تجمل قبيح ، يهدف صاحبه إلى إخفاء حقيقته عن الآخر
بالكامل، فيتلبس ثوب النفاق ،وتظهر شخصية سافرة بالتملق البغيض.

كنت دائما، لا أحب مستحضرات التجميل، التي تغطي
ملامح الوجه بالكامل، إنما أعشق تلك اللمسات البسيطة
التي تعمل على إخفاء بعض العيوب، وإبراز الجمال
في تقاطيع الروح بشكل غير مبالغ فيه، فالجمال
دائما في البساطة، وإظهار حقيقة ملامحنا
كيفما هي، مقتنعة أنا بذلك تماما.

ولكن في أحايين كثيرة قد يطمح البعض إلى الحياد
عن قناعاته تلك، والعمل بعكسها، ليس بهدف
تغييرها، وإنما من باب التجربة. ليزداد تأصلا بقناعاته.

في أحد المناسبات ، الإجتماعية، قررتُ أن أجرب
التحول عن ملامحي، فتركت فرشاة المزينة
تعبث بألوانها على صفحة ، وجهي"روحي".

كنتُ أراقبها وهي تضع اللمسات الأولى ،
أحسستُ بأنني بدأتُ بالتحول، وأن ملامحي بدأت بالطمس فجأة،
بفعل فرشاة تغتالني بحركاتها ، لتظهر ملامح أخرى لا تشبهني أبدا.
أحسستُ بالغربة، ترواد ملامح وجهي عن نفسها،
كنتُ سأصرخ بها أن توقفي، ولكن من باب حب
التجربة تركت لفرشاتها مواصلة الرسم على صفحة وجهي.

حين إنتهت المزينة، نظرتُ إلى نفسي في المرآة،
شعرتُ بإغترابي عن ملامحي ، وببعدها عن طبيعتي
وبساطتي، ولكني إبتسمت، وأوهمت نفسي ان التجمع ذاك
قد أحتاج فيه لبعض الرتوش على ملامح روحي، حتى
وإن إضطررتُ إلى إغتصاب إبتسامة عنوة من بين شفتاي،
وإرغام لساني على الخوض مع الخائضين، والتملق والتملص
من كراهيتي لبعض الأمور التي يغلفها الرياء.

وفي كل مرة أنظر فيها إلى مرآة الواقع، أقترب منها،
لأقرأ تفاصيل روحي وأسمعها عن قرب، كنتُ أشعر أن
ملامحي تصرخ، مختنقة،فأتجاهل صراخها، وامضي ،
بلا إكتراث،لضجيجها المتبعثر داخلي.

المكان، مكتض بالحضور، ولابد أن اكون الأكثر لباقة ،
الأكثر جاذبية، ، او من ضمن الذين يلفتون الأنظار
حولهم لجمال أقنعتهم التي يتوشحون بها ، كل حين،
ولو كان حضور يغلفه الرياء ، ويسكنه التلمق، حضور يبدو جميلا ، و
لكنه يخفي الكثير من القبح وراءه، كونه لا يأتي إلا على بساط الكذب ،
حين الإبتسام وحين الكلام.

رحتُ أتنقل بين الحضور، موزعة إبتساماتي هنا وهناك،
في كل إبتسامة، أشعر بوزر كذبة يلاحقني إثمها، بها وشاية الرياء،
وطمس معالم الحقيقة، بكامل بساطتها.

كنتُ بين الفينة والأخرى، أتخذ لي زاوية لا تعبرها نظرات الحضور،
أسترق فيها النظر إليَ، أفتش عن ذاتي المغمورة بعيدا خلف قناع ،
أتى به ثوب اللحظة، وسيذهب بعد خلعي لها، أو خلعها لي!

أنا جديدة، بملامح غريبة، قبيحة، برغم جمالها الظاهر،
إلا أنها قبيحة بإغترابها عني، عن بساطتي.
كنتُ أفكر فيمن يعشقون التحول عن ملامحهم،
والإبتعاد عن حقيقتهم، أولئك الذين يتفننون في وضع الاقنعة،
كيف لملامحهم كل تلك المقدرة على التخفي خلف الأقنعة تلك،
دون أن تطالها شمس الحقيقة أبدا ، ولا أن تتنفس طبيعهتا التي جبلها الله عليها؟!

لابد وأن ملامح شخصياتهم الحقيقية إختنقت،
بفعل تلك الطقوس اليومية، التي تقرضها عوامل تعرية كاملة ،
لكل الجمال بداخلها، حتى تمسي مقفرة إلا من الرياء .
حتى اصبحوا كل يوم بل كل لحظة بقناع جديد، ذلك
لأن الأقنعة بطبيعتها لا تدوم طويلا بل سرعان ما
تذوبها الحقيقة، وتذوي تحت شمسها الحارقة،
فيسارعون لإستبدالها كل لحظة، والمحزن
بل والمؤلم انهم لن يستطيعوا الرجوع إلى ذواتهم
إلا بعد عناء شديد، وربما لن يستطيعوا الرجوع إليها أبدا.

أتساءل بين الفترة والأخرى: هل تبدو الروح
جميلة حين ترتدي ثوبا ليس ثوبها؟!
هل تبدو المشاعر حقيقيةحين تغترب عن ذاتها ؟!

هل نبدو حقيقين حين نطمس ملامح أرواحنا،
ونغتال البساطة والجمال بداخلنا؟!

بعد تجربتي الأولى، قررتُ أن تكون الأخيرة، فأنا أعشقني
ببساطتي، لن أخنق مسامات ملامحي مجددا، لأجل أن
أظهر بوجه آخر، بقناع لا يشبه روحي ولن يشبهها.

همسة: المُنافق والرائي ، كالباني على رمل ، اضاع عمله !

ملاحظة\المقال نُشر في آفاق الشبيبة الأربعاء 12\8\2009

إلى الأيادي البيضاء ترحل همسات حروفي

إلى الأيادي البيضاء، ترحل همسات حروفي

مطاردات خافتة الضوء، مشحونة بالضوضاء، مسكونة بالصخب الأرعن،
تلعق الظلام ، تحبسه في حلقوم أيبسه الصراخ المتتالي، وعويل ، من جوف حرف يأتي، بلا نكهة، وبلا لون، وبلا هيئة حتى!

أوجاع الشارع الوظيفي، مكتضة بآلاف العاطلين عن العمل، أؤلئك المعطوبة أحلامهم، وكأنها مرت عليها نارا موقدة، ذات غفوة من القدر، فأصبحت كعصف مأكول، لا دراية له بحلم، ولا نهش لمخالبه –على حدتها- لوليمة مُلقاة على رصيف الأحلام ذات شبع لأصحابها.

هو صخب الحياة المتلاحق ضجيجه، بلا توقف، حين يتكاثر العطب على جانبي الحياة، ولا يعود للحياة شريان تجري بداخله، آلة العيش الحر.
لا ندري للظلالة سببا، فهناك دياجير عدة ، تلاحقت بعضها ببعض ، وتلاحمت أطرافها ، لتسكب في النبض كرسترولا ، يعيق الحركة ، ويشل الكفاءات، فتعود حاجتنا للملمة جراح الحاجة ، أشد حاجة من ذي قبل!

وحين يكون ذاك حال (الإتساخ) الكوني ، مرادفا لـــ(لإتساع) على مرافئ البشرية، يجد (الإنفساخ )الاخلاقي، طريقا معبدة ، يعبرها بهدوء وبلا وشوشات، وبلا إعتراضات من اصحاب الحرف الحر، او المنبر الحر، وبلا حتى تصادمات، مع النوايا الحسنة، او المبادئ التي تئن بوجع في الضمائر، لتنزاح من الضمائر –بإرغام من كل تلك الخيبات- لتسكن حواف الكتب و...فقط!

إنها لعنة الغوايات ،في عالم ، لا يقدس إلا الجيوب المنتفخة، يزرع بذرة الإجرام في رحم الأخلاق ، وينتشر كالهشيم في شوارع النوايا الحسنة.

وميض رسالة ، ذات حرف حر، تستنطق العطف، في القلوب الرحيمة، وتطالب أصحاب العقارات، والشركات، والقطاعات الخاصة، بإقتطاعة مال من موردها الثمين، لتسهم به في بناء الفكر، وبناء الوطن، وحماية الشباب من وحش الضياع الكاسر، وجحيم غواية الحاجة، كي لا نضطر لاحقا إلى ملاحقة الإجرام، وإستزاف أموالا طائلة، على التخريبات ، والإعتداءات الأخلاقية، على ممتلكاتكم ، وممتلكات الدولة، بحجة الحاجة، ووقع ألم الفقر، في المعدة وفي البيوت التي يتربص بها الإجرام في ثوب حقد، على من يعرشون البنوك.

فلتمدوا أياديكم ،للإستثمار ولتبسطوها في أريحية تامة، لتنتشلوا من يوشك على الغرق منهم، ولتهدوا ذويهم إبتسامة، ترتفع على إثرها الكفوف إلى السماء ، في دعوات دامعة ، بأن يبارك خطاكم الرب، ويبارك لكم ما تعرشون، وما تجمعون ، وما تزرعونه من حب على مرافئ العطاء اللامحدود ، كــ رد جميل لهذا البلد الغالي ، الذي بلا شك، اعطاكم الكثير.

"وما تقدموا لأنفسكم من خير يوف إليكم وأنتم لا تُظلمون"

عُلا الشكيلي
سبق نش المقال في ملح آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافات بين الصراع والحوار

الثقافة ، باب مشرعة ناحية صناعة الحضارة، وتأشيرة الدخول لمصنع الحضارات،هي حتما لا تأتي بها المصادفات، إنما البناء المعتد من اي شعب، هو ما يزجي به ناحية رقي حضارة ، أو ضمورها.

البناء ذاك، لابد ان يكون من بين ادواته ومعداته، الثقافة بجميع جذورها وهيئاتها، وأشدد على الجذور هنا لأن الجذر هو ما يصنع قوة القمة، او يعمد إلى تراخيها، وهو أيضا ما يعطي نكهتها وتميزها لدى الآخر، وتكون متفردة، بتلك النكهة ، ومتميزة بها، حين تجتمع ثمار تلك الثقافات ، على مائدة الحوار، ونسيج يحسب لها، حين يُحاك ثوب عولمة الثقافات.فتظل هويتها موجودة مُعلنة عن ذاتها للمارين من أروقة التاريخ، بحضاراته المتعددة.

الشعب الذي يعمد إلى تكريس تلك المفاهيم ، برغبة الإنفتاح والغرف من الثقافات والحضارات الأخرى ، لابد له أن يعمد إلى تعلم مفاهيم لغة الآخر وثقافته ، من أجل أن يعد نفسه إعدادا جيدا لأي حوار ثقافي فكري مع أي حضارة ، كي لا يضيع وسط المعمة وبالتالي تندثر حضارته.

اما حين تتلبد غيوم الفكر بالإنعزاية الثقافية، ولا تنفتح ثقافة شعب بالثقافات الأخرى، فإنه لن يقوى إلا على السير بعكازات الخوف، من أن يفقد هيبة وجوده وحضارته أمام حضارة ووجود شعوب آخرى، لم يتوغل إلى أعماق القوة الحضارية بها،وبالتالي هو أمام خصم لا يعي من أمره شيئا، وحين ذاك لن يكون هناك حوارا بينه وبين أي ثقافة، او حضارة اخرى، وكيف يكون حوار بين حضارتين والأبجدية بينها مبهمة وغير مفهومة. ولا من تواصل فكري او ثقافي بينهما !!
بوجود تلك الإشكالية، بين أي حضارتين، ينولد الصراع بينهما بلا شك.

الصراع ، تكون نتيجته في العادة، غالب ومغلوب، وثقافة الأحادية التي تنزوي في ظل الوحدة،والإنغلاق الحضاري ، لابد وأن تكون هشة ضعيفة، أو هكذا يقول المنطق.

وحين ذاك، يكون الشعب أمام منزلقين .
إما ان يصعر خده، ويذوب في أي حضارة أو ثقافة أخرى، حتى تطمس هويته بالكامل أو تكاد، وإما أن يظل يقاوم حتى توشك جميع أطرافه على العطب ، فلا يخرج من ذلك الصراع –الغير متكافئ – إلا على
كفن العزلة، ومنها إلى مقبرة التاريخ ربما.

آخر الهمس:

الإنفتاح على فكر الآخر وثقافته ، هو ما يجعلنا نتقن لعبة الصراع الخفي، بتذاكي شديد، الذي هو متكأ بالغ القوة، لإتقان فن الحوار بين أي ثقافتين لاحقا.

لذلك نجد ان أباسلة التاريخ، وقائدوه ، كانوا حريصون فيما مضى على منهج الإنفتاح ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

عُلا الشكيلي



سبق نشرالمقال مؤخرا بملحق آفاق الثقافي التابع لجريدة الشبيبة